ثم لما ذكر ثواب المجاهدين أتبعه وعيد القاعدين الراضين بالسكون في دار الكفر فقال : { إنّ الذين توفاهم } وأنه يحتمل أن يكون ماضياً فيكون إخباراً عن حال قوم انقرضوا ومضوا . عن عكرمة عن ابن عباس قال : كانوا قوماً من المسلمين بمكة فخرجوا في قوم من المشركين في قتال فقتلوا معهم فنزلت الآية . ويحتمل أن يكون مستقبلاً بحذف إحدى التاءين فيكون الوعيد عاماً في كل من كان بهذه الصفة . قال الجمهور : معنى { تتوفاهم } تقبض أرواحهم عند الموت . ولا منافاة بينه وبين قوله :{ الله يتوفّى الأنفس }[ الزمر :42 ]{ قل يتوفاكم ملك الموت }[ السجدة :11 ] لأنه تعالى هو المتوفى والفاعل لكل الأشياء بالحقيقة إلاّ أن الرئيس المفوّض إليه هذا العمل ملك الموت وسائر الملائكة أعوانه . وعن الحسن : { توفاهم الملائكة } أي يحشرونهم إلى النار .
أما قوله : { ظالمي أنفسهم } فمنصوب على الحال عن مفعول توفي والإضافة فيه لفظية ولذا لم تفد تعريفاً فصح وقوعه حالاً . والظلم قد يراد به الشرك { إنّ الشرك لظلم عظيم }[ لقمان :13 ] فالمراد أنهم ظالمون أنفسهم بنفاقهم وكفرهم وتركهم الهجرة . وقد يراد به المعصية { فمنهم ظالم لنفسه }[ فاطر :32 ] فالمراد الذين أسلموا في دار الكفر وبقوا هناك غير مهاجرين إلى دار الإسلام حين كانت الهجرة فريضة . وفي خبر " إنّ " وجوه : الأول { قالوا فيم كنتم } والعائد محذوف للدلالة أي قالوا لهم . الثاني { فأولئك } فيكون { قالوا } حالاً من الملائكة بتقدير " قد " . الثالث إنّ الخبر محذوف وهو هلكوا . ثم فسر الهلاك بقوله : { قالوا فيم كنتم } أي في أي شيء كنتم من أمر دينكم ؟ والمراد التوبيخ على ترك الجهاد والرضا بالسكنى في دار الكفر وهو بالحقيقة النعي عليهم بأنهم ليسوا من الدين في شيء ، ولهذا لم يجيبوا بقولهم كنا في كذا أو لم نكن في شيء بل أجابوا بقولهم : { كنا مستضعفين } اعتذاراً مما وبخوا به واعتلالاً بأنهم ما كانوا قادرين على المهاجرة من أرض مكة حتى يكونوا في شيء .
ثم إنّ الملائكة لم يقبلوا منهم هذا العذر فبكتوهم قائلين : { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } أرادوا أنكم كنتم قادرين على الخروج من مكة إلى بعض البلاد التي لا تمتنعون فيها من إظهار دينكم كما فعل المهاجرون إلى أرض الحبشة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.