غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّوۡلَا كِتَٰبٞ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِيمَآ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (68)

67

والجواب أن كل ذلك محمول على ترك الأولى وكذا الكلام في قوله { لولا كتاب من الله سبق } أي لولا حكم من الله سبق إثباته في اللوح وهو أنه لا يعاقب أحداً يخطئ في الاجتهاد لأنهم نظروا في أن استبقاءهم ربما كان سبباً في إسلامهم وتوبتهم وحصول أولاد منهم مسلمين ، وإن فداءهم يتقوى به على الجهاد في سبيل الله ، وخفي عليهم أن قتلهم أعزّ للإسلام وأهيب لمن وراءهم . قال ابن عباس : هذا الحكم إنما كان يوم بدر لأن المسلمين كانوا قليلين فلما كثروا وقوي إسلامهم أنزل الله بعد ذلك في الأسارى { حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء } [ محمد : 4 ] قال بعض العلماء : هذا الكلام يوهم أن مقتضى الآيتين مختلف وليس كذلك فإن كلتاهما تدل على أنه لا بد من تقديم الإثخان على الداء . وعن سعيد بن جبير { لولا كتاب من الله سبق } بأنه سيحل لكم الفدية وكأن قرب الوقت من التحليل يوجب تخفيف العقاب . وقال محمد بن إسحاق { لولا كتاب من الله سبق } أنه لا يعذب أحداً إلا بعد تأكيد الحجة وتقديم النهي . وحاصل هذا القول يرجع إلى ترك الأولى ذلك أن الأولى وغير الأولى يشتركان في كونهما مباحين وإنما يعاتب على ترك الأولى لا على سبيل العقوبة بل على سبيل الحث على فعل الأولى . وعن بعضهم المراد حكم الله بأنه لا يعذب من شهد بدراً . واعترض بأنه يلزم أن لا يكونوا مكلفين . والجواب أن عدم العقاب على الذنب لا يوجب عدم التكليف فلعل التكليف لأجل زيادة الثواب . وقيل : لولا كتاب سبق بالعفو عن هذه الواقعة لكان استحقاق مس العذاب حاصلاً .

/خ75