{ لولا كتاب } أي حكم مكتوب ومثبت في اللوح المحفوظ { من الله سبق } اختلف المفسرون في هذا الكتاب الذي سبق ما هو على أقوال :
الأول : أنه ما سبق في علم الله من أنه سيحصل لهذا الأمة الغنائم والأسرى بعد أن كانت محرمة على سائر الأمم .
والثاني : أنه مغفرة الله لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر كما في الحديث الصحيح ( إن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) {[858]} .
القول الثالث : هو أنه لا يعذبهم ورسول الله فيهم كما قال تعالى { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } .
القول الرابع : أنه لا يعذب أحدا بذنب فعله جاهلا لكونه ذنبا .
القول الخامس : أنه ما قضاه الله من محو الصغائر باجتناب الكبائر .
القول السادس : إنه لا يعذب أحدا إلا بعد تأكيد الحجة وتقديم النهي ولم يتقدم نهي عن ذلك ، وذهب ابن جرير الطبري إلى أن هذه المعاني كلها داخلة تحت اللفظ وأنه يعمها .
{ لمسكم } أي لحل بكم { فيما } أي لأجل ما { أخذتم } من الفداء { عذاب عظيم } وهذا عتاب له صلى الله عليه وآله وسلم على ترك الأولى إذ كان الأولى له تدارك كثرة القتل فيهم لا الفداء وليس عتابا على فعل محرم تنزيها لمنصب النبوة عن ذلك .
وقد أخرج أحمد عن أنس قال : استشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال : ( إن الله قد أمكنكم منهم ، فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم عاد فقال : مثل ذلك فقام أبو بكر الصديق فقال : نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء فعفا عنهم وقبل منهم الفداء فأنزل الله { لولا كتاب من الله سبق } الآية ) ، وفي الباب روايات كثيرة بطرق عديدة بألفاظ مختلفة{[859]} .
وفي بعضها عند أحمد والترمذي وحسنه عن ابن مسعود فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن وأن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة ، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم عليه السلام قال : { من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم } ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى عليه السلام إذ قال : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ومثلك يا عمر مثل نوح عليه السلام إذ قال : { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } ومثلك يا عمر مثل موسى عليه السلام إذ قال : { ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم } الحديث{[860]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.