ثم قال لاستمالة قلوب الأسارى { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى أن يعلم الله } إن يظهر معلومه أن { في قلوبكم خيراً } وهو الإيمان والعزم على طاعة الله وطاعة رسوله في جميع التكاليف والتوبة عن الكفر وعن جميع المعاصي ويدخل فيه العزم على نصرة الرسول والتوبة عن محاربته { يؤتكم } في الدنيا { خيراً مما أخذ منكم } من المنافع العاجلة { ويغفر لكم } في الآخرة ، أو المراد بالخير إيصال الثواب وبالمغفرة إزالة العقاب . ثم إنا قد نعلم أن كل من خلص من الأسر وآمن فقد آتاه الله في الدنيا خيراً لدلالة الآية على ذلك إجمالاً ، وذلك الخير إن كان دينياً فلا شك أن كلهم قد وجدوا ذلك لأن قليل الدنيا مع الإيمان أعظم من كثير الدنيا مع الكفر ، وإن كان دنيوياً فتفضيل ذلك غير معلوم إلا ما روي عن بعضهم كالعباس روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفاً ، فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ ما قدر على حمله وكان يقول : هذا خير مما أخذ مني وأنا أرجو المغفرة . وقال ابن عباس : نزلت الآية في العباس وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث . وكان العباس أسر بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب أخرجها ليطعم الناس ، وكان أحد العشر الذين ضمنوا الطعام لأهل بدر فلم تبلغه النوبة حتى أسر فقال العباس . كنت مسلماً إلا أنهم استكرهوني فقال صلى الله عليه وسلم : إن يكن ما تذكره حقاً فالله يجزيك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا . قال العباس : وكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك ذلك الذهب عليّ فقال : أما شيء خرجت به تستعين به علينا فلا . قال : وكلفني الرسول صلى الله عليه وسلم فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية وفداء نوفل بن الحرث . فقال العباس : تركتني يا محمد أتكفف قريشاً : فقال رسول الله عليه وسلم : فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها : لا أدري ما يصيبني في وجهي فإن حدث فيّ حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل . فقال العباس : وما يدريك ؟ قال : أخبرني به ربي . قال العباس : فأنا أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ، ولقد دفعته إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتاباً في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب . قال العباس : فأبدلني الله خيراً من ذلك لي الآن عشرون عبداً إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفاً ، وأعطاني زمزم ما أحب أن لي بها جمع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.