غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرٗا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (70)

67

ثم قال لاستمالة قلوب الأسارى { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى أن يعلم الله } إن يظهر معلومه أن { في قلوبكم خيراً } وهو الإيمان والعزم على طاعة الله وطاعة رسوله في جميع التكاليف والتوبة عن الكفر وعن جميع المعاصي ويدخل فيه العزم على نصرة الرسول والتوبة عن محاربته { يؤتكم } في الدنيا { خيراً مما أخذ منكم } من المنافع العاجلة { ويغفر لكم } في الآخرة ، أو المراد بالخير إيصال الثواب وبالمغفرة إزالة العقاب . ثم إنا قد نعلم أن كل من خلص من الأسر وآمن فقد آتاه الله في الدنيا خيراً لدلالة الآية على ذلك إجمالاً ، وذلك الخير إن كان دينياً فلا شك أن كلهم قد وجدوا ذلك لأن قليل الدنيا مع الإيمان أعظم من كثير الدنيا مع الكفر ، وإن كان دنيوياً فتفضيل ذلك غير معلوم إلا ما روي عن بعضهم كالعباس روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفاً ، فتوضأ لصلاة الظهر وما صلى حتى فرقه وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ ما قدر على حمله وكان يقول : هذا خير مما أخذ مني وأنا أرجو المغفرة . وقال ابن عباس : نزلت الآية في العباس وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث . وكان العباس أسر بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب أخرجها ليطعم الناس ، وكان أحد العشر الذين ضمنوا الطعام لأهل بدر فلم تبلغه النوبة حتى أسر فقال العباس . كنت مسلماً إلا أنهم استكرهوني فقال صلى الله عليه وسلم : إن يكن ما تذكره حقاً فالله يجزيك فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا . قال العباس : وكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك ذلك الذهب عليّ فقال : أما شيء خرجت به تستعين به علينا فلا . قال : وكلفني الرسول صلى الله عليه وسلم فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية وفداء نوفل بن الحرث . فقال العباس : تركتني يا محمد أتكفف قريشاً : فقال رسول الله عليه وسلم : فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها : لا أدري ما يصيبني في وجهي فإن حدث فيّ حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل . فقال العباس : وما يدريك ؟ قال : أخبرني به ربي . قال العباس : فأنا أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ، ولقد دفعته إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتاباً في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب . قال العباس : فأبدلني الله خيراً من ذلك لي الآن عشرون عبداً إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفاً ، وأعطاني زمزم ما أحب أن لي بها جمع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربي .

/خ75