التفسير : لما شرح الله معايب هؤلاء الكفار عاد إلى الترغيب في قتالهم . عن ابن عباس أنها نزلت في غزوة تبوك سنة عشر ؛ وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف أقام بالمدينة أياماً فأمر بجهاد الروم فاستثقله الناس لكون الزمان زمان صيف وللقحط ولبعد المسافة ولمزيد احتياج الاستعداد ولشدة الحر وللخوف من عسكر الروم ولوجود أسباب الرفاهية بالمدينة لكون الوقت وقت إدراك الثمار وحصول الغلات . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خرج في غزوة إلا ورّى عنها بغيرها إلا في غزوة تبوك ليستعد الناس تمام العدة . أصل النفر الخروج إلى مكان لأمر هاج عليه واسم ذلك القوم الذين يخرجون النفير . وأصل { أثاقلتم } تثاقلتم كما قلنا في { فادّارأتم } [ البقرة : 72 ] ومعناه تباطأتم . وإنما عدّي بإلى لتضمين معنى الميل والإخلاد كقوله { أخلد إلى الأرض } [ الأعراف : 176 ] أي مال إلى الدنيا وشهواتها . وقيل : المراد لتم إلى الإقامة بأرضكم والبقاء فيها . ومعنى الاستفهام في { مالكم } الإنكار . وقرئ { أثاقلتم } على الاستفهام للإنكار أيضاً فيكون جواب «إذا » فعلاً آخر مدلولاً عليه بأثاقلتم كنحو ملتم ، وذلك أن جواب «إذا » عامل في «إذا » ، والاستفهام لا يعمل فيما قبله . ويجوز على هذه أن يكون «إذا » لمجرد الظرفية والعامل فيه ما في { مالكم } من معنى الفعل كأنه قيل : ما تصنعون إذا قيل لكم و «من » في { من الآخرة } للبدل كقوله { لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون } كأنه قيل : قد ذكرنا الموجبات الكثيرة الداعية إلى القتال وبينا أنواع فضائحهم التي تحمل العاقل على مقاتلتهم ، ولو لم يكن فيه إلا طاعة المعبود المستلزمة لثواب الآخرة لكفى به باعثاً . { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة } أي في جنبها وفي مقابلها . { إلا قليل } ويجوز أن يراد بالقلة العدم إذ لا نسبة للمتناهي الزائل إلى غير المتناهي الباقي . والظاهر أن هذا التثاقل لم يصدر من جميع المخاطبين لاستحالة إطباق هذه الأمة على المعصية والضلالة إلا أنه طالما أعطى للأكثر حكم الكل وأطلق لفظ الكل على الأغلب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.