غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (32)

29

ثم ذكر نوعاً آخر من قبائح أفعال أهل الكتاب وهو سعيهم في أبطال أمر محمد وجدهم في إخفاء الدلائل الدالة على صحة نبوّته فقال { يريدون أن يطفئوا نور الله } أي دينه الثابت بالدليل المشبه بالنور لاشتراكهما في الاهتداء بهما . وذلك أن دين محمد مؤيد بالمعجزات الباهرة التي بمثلها ثبتت نبوّة موسى وعيسى ولاسيما بالقرآن ، وحاصل شرعه تعظيم الله وتنزيهه عما لا يليق به والانقياد لطاعته وصرف النفس عن الأمور الفانية والترغيب في السعادات الباقية ، ثم إنهم بكلماتهم الركيكة وشبهاتهم السخيفة أرادوا إبطال هذه الدلائل فكانوا كمن يريد إبطال نور الشمس الذي هو أشد الأنوار المحسوسة بسبب أن ينفخ فيه . ولا ريب أن ذلك سعي باطل وكيد زاهق ولهذا قال { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } أي لم يرد الله إلا ذلك إلا أن الإباء يفيد زيادة على عدم الإرادة وهي المنع والامتناع قال :

وإن أرادوا ظلمنا أبينا *** . . .

امتدح بذلك ولا يجوز أن يمتدح بأنه يكره الظلم لأن ذلك يستوي فيه القوي والضعيف . وفيه وعد بمزيد النصرة والقوة وإعلاء الدرجة .

/خ37