مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ} (3)

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص } نبين لك أحسن البيان . والقاص الذي يأتي بالقصة على حقيقتها عن الزجاج ، وقيل : القصص يكون مصدراً بمعنى الاقتصاص نقول : قص الحديث يقصه قصصاً ، ويكون فعلاً بمعنى مفعول كالنفض والحسب ، فعلى الأول معناه نحن نقص عليك أحسن الاقتصاص { بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هذا القرءان } أي بإيحائنا إليك هذه السورة على أن يكون { أحسن } منصوباً نصب المصدر لإضافته إليه والمقصوص محذوف لأن { بما أوحينا إليك هذا القرآن } مغن عنه . والمراد بأحسن الاقتصاص أنه اقتص على أبدع طريقة وأعجب أسلوب فإنك لا ترى اقتصاصه في كتب الأولين مقارباً لاقتصاصه في القرآن . وإن أريد بالقصص المقصوص فمعناه نحن نقص عليك أحسن ما يقص من الأحاديث ، وإنما كان أحسن لما يتضمن من العبر والحكم والعجائب التي ليس في غيره . والظاهر أنه أحسن ما يقتص في بابه كما يقال «فلان أعلم الناس » أي في فنه ، واشتقاق القصص من قص أثره إذا تبعه لأن الذي يقص الحديث يتبع ما حفظ منه شيئاً فشيئاً { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ } الضمير يرجع إلى { ما أوحينا } { لَمِنَ الغافلين } عنه «إن » مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية يعني وإن الشأن والحديث كنت من قبل إيحائنا إليك من الجاهلين به .