{ أولئك على هُدًى } الجملة في موضع الرفع إن كان «الذين يؤمنون بالغيب » مبتدأ وإلا فلا محمل لها ، ويجوز أن يجري الموصول الأول على «المتقين » وأن يرتفع الثاني على الابتداء و«أولئك » خبره ، ويجعل اختصاصهم بالهدى والفلاح تعريضاً بأهل الكتاب الذين لا يؤمنون بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ظانون أنهم على الهدى وطامعون أنهم ينالون الفلاح عند الله . ومعنى الاستعلاء في «على هدى » مثل لتمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه وتمسكهم به بحيث شبهت حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه ونحوه «هو على الحق وعلى الباطل » وقد صرحوا بذلك في قولهم : جعل الغواية مركباً ، وامتطى الجهل ، واقتعد غارب الهوى . ومعنى هدى { مّن رَّبّهِمُ } أي أوتوه من عنده . ونكر «هدى » ليفيد ضرباً مبهماً لا يبلغ كنهه كأنه قيل على أي هدى ونحوه «لقد وقعت على لحم » أي على لحم عظيم .
{ وأولئك هُمْ المفلحون } أي الظافرون بما طلبوا الناجون عما هربوا ؛ فالفلاح درك البغية والمفلح الفائز بالبغية كأنه الذي انفتحت له وجوه الظفر ، والتركيب دال على معنى الشق والفتح وكذا أخواته في الفاء والعين نحو «فلق وفلز وفلى » ، وجاء العطف هنا بخلاف قوله : { أولئك كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ أولئك هُمُ الغافلون } [ الأعراف : 179 ] لاختلاف الخبرين المقتضيين للعطف هنا واتحاد الغفلة والتشبيه بالبهائم ثمّ ، فكانت الثانية مقررة للأولى فهي من العطف بمعزل ، وهم فصل .
وفائدته الدلالة على أن الوارد بعده خبر لا صفة والتوكيد وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره ، أو هو مبتدأ و«المفلحون » خبره ، والجملة خبر «أولئك » فانظر كيف قرر الله عز وجل التنبيه على اختصاص المتقين بنيل ما لا يناله أحد على طرق شتى وهي ذكر اسم الإشارة وتكريره ، ففيه تنبيه على أنهم كما ثبت لهم الأثرة بالهدى فهي ثابتة لهم بالفلاح . وتعريف المفلحون ففيه دلالة على أن المتقين هم الناس الذين بلغك أنهم يفلحون في الآخرة كما إذا بلغك أن إنساناً قد تاب من أهل بلدك فاستخبرت من هو ؟ فقيل : زيد التائب أي هو الذي أخبرت بتوبته . وتوسيط الفصل بينه وبين «أولئك » ليبصرك مراتبهم ويرغبك في طلب ما طلبوا وينشطك لتقديم ما قدموا . اللهم زينا بلباس التقوى واحشرنا في زمرة من صدرت بذكرهم سورة البقرة [ الآيتان : 6 ، 7 ] .
لما قدم ذكر أوليائه بصفاتهم المقربة إليه ، وبيَّن أن الكتاب هدى لهم قفى على أثره بذكر أضدادهم وهم العتاة المردة الذين لا ينفع فيهم الهدى بقوله :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.