نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (5)

ولما أخبر عن أفعالهم الظاهرة والباطنة أخبر بثمرتها{[18]} فقال :{ أولئك } أي الموصوفون بتلك الصفات الظاهرات ، ولما تضمن ما مضى أن إيمانهم كان عن أعظم استدلال فأثمر لهم التمسك بأوثق العرى من الأعمال استحقوا{[610]} الوصف بالاستعلاء الذي معناه التمكن فقال : { على هدى } أي عظيم ، وزاد في تعظيمه بقوله : { من ربهم } أي المحسن إليهم بتمكينهم منه ولزومهم له تمكين من علا{[611]} على الشيء ، ولما لم يلازم الهدى الفلاح عطف عليه{[612]} قوله مشيراً بالعاطف إلى مزيد تمكنهم في كل من الوصفين { وأولئك } {[613]}أي العالو الرتبة{[614]} { هم } {[615]}أي خاصة{[616]} { المفلحون } أي الكاملون في هذا الوصف الذين انفتحت لهم وجوه الظفر ، والتركيب دال على معنى الشق والفتح وكذا أخواته من الفاء والعين نحو فلج بالجيم وفلق وفلذ وفلى .

قال الحرالي : وخرج الخطاب في هذه الآية مخرج المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ومخرج إحضار المؤمنين بموضع الإشارة وهي مكانة حضرة دون مكانة حضرة المخاطب . انتهى . وكونها للبعد إعلام بعلو مقامهم . والفلاح{[617]} الفوز والظفر بكل مراد ونوال البقاء الدائم في الخير .


[18]:- زيد في م: عنى.
[610]:وفي تفسير المظهري: ففيه إيذان بأن تلك الصفات موجبة لهذا الحكم وفي كلمة "على " إيذان على تمكنهم واستقرارهم على الهداية ونكر "هدى" للتعظيم وأكد التعظيم بأن الله معطيه وموفقه، "وأولئك هم المفلحون" أي الفائزون بالمطلوب هذا اللفظ وما يشاركه في الفاء والعين من فلق وفلذ وفلى يدل على الشق والقطع كأن المفلح انشق من غيره وصار بينهما بون بعيد أو صاروا مقطوعا لهم بالخير في الدنيا والآخرة. وفي أنوار التنزيل: ومعنى الاستعلاء في "على هدى" تمثيل تمكنهم من الهدى واستقرارهم عليه بحال من اعتلى الشيء وركبه...وذلك إنما يحصل باستفراغ الفكر وإدامة النظر فيما نصب من الحجج والمواظبة على محاسبة النفس في العمل.
[611]:في الأصل: على ولعله: اعتلى
[612]:في مد على
[613]:ليس في مد
[614]:ليس في مد
[615]:ليس في م
[616]:ليس في م
[617]:زيد في الأصل ومد "و" ولم تكن الزيادة في م وظ فحذفناها