فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أُوْلَـٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (5)

{ المفلحون }الفائزون .

{ أولئك على هدى من ربهم } الموصوفون بالصفات التي أرشدت إليها الآيات المباركات السابقات يفوزون بالتمكن من الهدى ؛ فالعرب تقول : فلان على الحق ، أي متمكن من الحق ، فلان على الباطل أي موغل فيه ، متشبث به وقد يصرحون بذلك فيقولون : اتخذ الغواية مركبا ؛ أما الذين صدقوا واستمسكوا بالوحي فإن مولاهم تبارك اسمه أصلحهم وحبب إليهم الاستقامة ؛

يقول الحكماء : الهدى من الله كثير ، ولا يصلحه إلا بصير ولا يعمل به إلا يسير ألا ترى أن نجوم السماء يبصرها البصراء ، ولكن لا يهتدي بها إلا العلماء .

{ أولئك هم مفلحون } هم الفائزون الرابحون في الدنيا والآخرة ؛ قال ابن أبي إسحاق عن ابن عباس : هم الذين أدركوا ما طلبوا ونجو من شر ما منه هربوا وأما معنى قوله { أولئك على هدى من ربهم } فإن معنى ذلك أنهم على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد بتسديد الله إياهم وتوفيقه لهم ، - وتأويل قوله { أولئك هم المفلحون } أي : أولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكرهم بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله من الفوز بالثواب والخلود في الجنان ، والنجاة مما أعد الله تبارك وتعالى لأعدائه من العقاب-{[122]} .


[122]:ما بين العارضتين من جامع البيان... لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.