مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ} (22)

{ غير بعيدٍ } أي مكثاً غير طويل أو غير زمان بعيد كقوله «عن قريب » ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفاً من سليمان . فلما رجع سأله عما لقي في غيبته { فقال أحطت } علماً شيئاً من جميع جهاته { بما لم تحط به } ألهم الله الهدهد فكافح سليمان بهذا الكلام مع ما أوتي من فضل النبوة والعلوم الجمة ابتلاء له في علمه ، وفيه دليل بطلان قول الرافضة أن الإمام لا يخفى عليه شيء ولا يكون في زمانه أحد أعلم منه { وجئتك من سبإٍ } غير منصرف . أبو عمرو جعله اسماً للقبيلة أو المدينة وغيره بالتنوين جعله اسماً للحي أو الأب الأكبر { بنبإٍ يقينٍ } النبأ الخبر الذي له شأن ، وقوله من { سبأ بنبإٍ } من محاسن الكلام ويسمى البديع وقد حسن وبدع لفظاً ومعنى هاهنا ألا ترى أنه لو وضع مكان { بنبإ } بخبر لكان المعنى صحيحاً وهو كما جاء أصح لما في النبإ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال .