مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ} (46)

{ إِنَّا أخلصناهم } جعلناهم لنا خالصين { بِخَالِصَةٍ } بخصلة خالصة لا شوب فيها . { ذِكْرَى الدار } { ذِكْرِى } في محل النصب أو الرفع بإضمار «أعني » ، أو «هي » ، أو الجر على البدل من ب { خَالِصَة } والمعنى إنا أخلصناهم بذكرى الدار ، والدار هنا : الدار الآخرة يعني جعلناهم لنا خالصين بأن جعلناهم يذكرون الناس الدار الآخرة ويزهدونهم في الدنيا كما هو ديدن الأنبياء عليهم السلام ، أو معناه أنهم يكثرون ذكر الآخرة والرجوع إلى الله وينسون ذكر الدنيا بخالصة ذكرى الدار ، على الإضافة مدني ونافع وهي من إضافة الشيء إلى ما يبينه ، لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى . و { ذِكْرى } مصدر مضاف إلى المفعول أي بإخلاصهم ذكرى الدار . وقيل : خالصة بمعنى خلوص فهي مضافة إلى الفاعل أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بِهمٍ آخر ، إنما همهم ذكرى الدار لا غير . وقيل : ذكرى الدار الثناء الجميل في الدنيا ، وهذا شيء قد أخلصهم به فليس يذكر غيرهم في الدنيا بمثل ما يذكرون به يقويه قوله { وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } [ مريم : 50 ]