مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَخُذۡ بِيَدِكَ ضِغۡثٗا فَٱضۡرِب بِّهِۦ وَلَا تَحۡنَثۡۗ إِنَّا وَجَدۡنَٰهُ صَابِرٗاۚ نِّعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٞ} (44)

{ وَخُذْ } معطوف على { اركض } { بِيَدِكَ ضِغْثاً } حزمة صغيرة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : قبضة من الشجر { فاضرب بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ } وكان حلف في مرضه ليضربن امرأته مائة إذا برأ ، فحلل الله يمينه بأهون شيء عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ، وهذه الرخصة باقية ويجب أن يصيب المضروب كل واحدة من المائة .

والسبب في يمينه أنها أبطأت عليه ذاهبة في حاجة فحرج صدره . وقيل : باعت ذؤابتيها برغيفين وكانتا متعلق أيوب عليه السلام إذا قام { إِنَّا وجدناه } علمناه { صَابِراً } على البلاء نعم قد شكا إلى الله ما به واسترحمه لكن الشكوى إلى الله لا تسمى جزعاً فقد قال يعقوب عليه السلام { إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله } [ يوسف : 86 ] على أنه عليه السلام كان يطلب الشفاء خيفة على قومه من الفتنة حيث كان الشيطان يوسوس إليهم أنه لو كان نبياً لما ابتلي بمثل ما ابتلي به وإرادة القوة على الطاعة فقد بلغ أمره إلى أن لم يبق منه إلا القلب واللسان { نِعْمَ العبد } أيوب { إِنَّهُ أَوَّابٌ } .