السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ} (46)

{ إنا أخلصناهم بخالصةٍ } أي : اصطفيناهم وجعلناهم لنا خالصين بخصلة خالصة لا شوب فيها وهي { ذكرى الدار } الآخرة أي : ذكرها والعمل لها لأن مطمح نظرهم الفوز بلقائه وذلك في الآخرة وإطلاق الدار للإشعار بأنها الدار الحقيقة والدنيا معبر ، وقرأ نافع وهشام خالصة بغير تنوين بالإضافة للبيان أو أن خالصة مصدر بمعنى الخلوص فأضيف إلى فاعله والباقون بالتنوين ، فمن أضاف فمعناه أخلصناهم بذكرى الدار الآخرة وأن يعملوا لها ، والذكرى بمعنى : الذكر ، قال مالك بن دينار : نزعنا من قلوبهم حب الدنيا وذكرها وأخلصناهم بحب الآخرة وذكرها ، وقال قتادة : كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله عز وجل ، وقال السدي : أخلصوا الخوف للآخرة وقال ابن زيد : أخلصناهم بأفضل ما في الآخرة ، ومن قرأ بالتنوين فمعناه : بخلة خالصة هي ذكرى الدار فيكون ذكرى الدار بدلاً من الخالصة أو جعلناهم مخلصين بما أخبرنا من ذكر الآخرة ، والمراد بذكرى الدار : الذكر الجميل الرفيع لهم في الآخرة ، وقيل : إنه أبقى لهم الذكر الجميل في الدنيا وقيل : هو دعاؤه { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } ( الشعراء : 84 ) .