البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ} (46)

وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، والأعرج ، ونافع ، وهشام : بخالصة ، بغير تنوين ، أضيفت إلى ذكرى .

وقرأ باقي السبعة بالتنوين ، و { ذكرى } بدل من { بخالصة } .

وقرأ الأعمش ، وطلحة : بخالصتهم ، و { أخلصناهم } : جعلناهم لنا خالصين وخالصة ، يحتمل ، وهو الأظهر ، أن يكون اسم فاعل به عن مزية أو رتبة أو خصلة خالصة لا شوب فيها ، ويحتمل أن يكون مصدراً ، كالعاقبة ، فيكون قد حذف منه الفاعل ، أي أخلصناهم بأن أخلصوا ذكرى الدار ، فيكون ذكرى مفعولاً ، أو بأن أخلصنا لهم ذكرى الدار ، أو يكون الفاعل ذكرى ، أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار ، والدار في كل وجه من موضع نصب بذكرى ، وذكرى مصدر ، والدار دار الآخرة .

قال قتادة : المعنى بأن خلص لهم التذكير بالدار الآخرة ، ودعا الناس إليها وحضهم عليها .

وقال مجاهد : خلص لهم ذكرهم الدار الآخرة ، وخوفهم لها .

والعمل بحسب ذلك .

وقال ابن زيد : وهبنا لهم أفضل ما في الدار الآخرة ، وأخلصناهم به ، وأعطيناهم إياه .

وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بالدار دار الدنيا ، على معنى ذكر الثناء والتعظيم من الناس ، والحمد الباقي الذي هو الخلد المجازي ، فتجيء الآية في معنى قوله : { لسان صدق } وقوله : { وتركنا عليه في الآخرين } انتهى .

وحكى الزمخشري هذا الاحتمال قولاً فقال : وقيل { ذكرى الدار } : الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق . انتهى .

والباء في بخالصة باء السبب ، أي بسبب هذه الخصلة وبأنهم من أهلها ،