مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

{ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ } أي بيعة الرضوان . ولما قال { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } أكده تأكيداً على طريقة التخييل فقال { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يريد أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تعلو أيدي المبايعين هي يد الله والله منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام ، وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما كقوله { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } [ النساء : 80 ] و { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } خبر «إن » { فَمَن نَّكَثَ } نقض العهد ولم يف بالبيعة { فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ } فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه . قال جابر بن عبد الله : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة على الموت وعلى أن لا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلا جد بن قيس وكان منافقاً اختبأ تحت بطن بعيره ولم يسر مع القوم { وَمَنْ أوفى بِمَا عاهد } يقال : وفيت بالعهد وأوفيت به ومنه قوله { أَوْفُواْ بالعقود } [ المائدة : 1 ] { والموفون بِعَهْدِهِمْ } [ البقرة : 177 ] { عَلَيْهِ الله } حفص { فَسَيُؤْتِيهِ } وبالنون حجازي وشامي { أَجْراً عَظِيماً } الجنة .