مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفتح بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا سورة الفتح مدنية وهى تسع وعشرون آية

{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } الفتح الظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب ، لأنه مغلق ما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح ، ثم قيل هو فتح مكة وقد نزلت مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح . وجيء به على لفظ الماضي لأنها في تحققها بمنزلة الكائنة وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر عنه وهو الفتح ما لا يخفى . وقيل : هو فتح الحديبية ولم يكن فيه قتال شديد ولكن ترامٍ بين القوم بسهام وحجارة ، فرمى المسلمون المشركين حتى أدخلوهم ديارهم وسألوا الصلح فكان فتحاً مبيناً وقال الزجاج : كان في فتح الحديبية آية للمسلمين عظيمة ، وذلك أنه نزح ماؤها ولم يبق فيها قطرة فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه في البئر فدرت بالماء حتى شرب جميع الناس . وقيل : هو فتح خيبر . وقيل : معناه قضينا لك قضاء بيناً على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل لتطوفوا بالبيت من الفتاحة وهي الحكومة .