مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

{ إِنَّا كُلَّ شَىْء خلقناه بِقَدَرٍ } كل منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر ، وقرىء بالرفع شاذاً والنصب أولى لأنه لو رفع لأمكن أن يكون { خلقناه } في موضع الجبر وصفاً ل { شَىْء } ويكون الخبر { بِقَدَرٍ } وتقديره : إنا كل شيء مخلوق لنا كائن بقدر ، ويحتمل أن يكون { خلقناه } هو الخبر وتقديره : إنا كل شيء مخلوق لنا بقدر ، فلما تردد الأمر في الرفع عدل إلى النصب وتقديره . إنا خلقنا كل شيء بقدر فيكون الخلق عاماً لكل شيء وهو المراد بالآية . ولا يجوز في النصب أن يكون { خلقناه } صفة ل { شَىْء } لأنه تفسير الناصب والصفة لا تعمل في الموصوف . والقدْر والقدَر التقدير أي بتقدير سابق أو خلقنا كل شيء مقدراً محكماً مرتباً على حسب ما اقتضته الحكمة ، أو مقدراً مكتوباً في اللوح معلوماً قبل كونه قد علمنا حاله وزمانه . قال أبو هريرة : جاء مشركو قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت الآية ، وكان عمر يحلف أنها نزلت في القدرية