السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

أما من الكتاب فقوله تعالى : { إنا } أي : بمالنا من العظمة { كل شيء } من الأشياء المخلوقة صغيرها وكبيرها { خلقناه بقدر } أي : قضاء وحكم وقياس مضبوط وقسمة محدودة وقوّة بالغة وتدبير محكم في وقت معلوم ومكان محدود مكتوب ذلك في اللوح قبل وقوعه .

وأمّا من السنة : فما روى عبد الله بن عمرو بن العاص : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام قال وعرشه على الماء . وعن طاووس اليماني قال : أدركت ما شاء الله تعالى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء بقدر الله تعالى ؛ قال : وسمعت من عبد الله بن عمرو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز » وعن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن بالله عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله : بعثني بالحق ، ويؤمن بالموت ، والبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر ؛ وزاد عبد الله خيره وشره » .

تنبيه : { كل شيء } منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر ، ولما بين سبحانه وتعالى أنّ كل شيء بفعله بيّن يسر ذلك وسهولته عليه بقوله تعالى : { وما أمرنا إلا واحدة كن كلمح بالبصر } .