جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

{ إنا كل{[4832]} شيء خلقناه بقدر{[4833]} } : أي خلقنا كل شيء بتقديرنا ، وهو مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه ،


[4832]:نصب كل بفعل مفسره خلقناه، وقاعدة النحو: إن الرفع في مثل ذلك هو الأولى، لكن نصبه لأن الرفع موهم خلاف المقصود،، إذ خلقناه حينئذ يحتمل أن يكون صفة كل شيء، فيوهم أن المخلوقات ما ليس بقدر، وهو مخلوق لغير الله والله خالق كل شيء/12 وجيز.
[4833]:القدر على درجتين الدرجة الأولى: الإيمان بأن الله عليم بأعمال الخلق، وأحوالهم من الطاعة والمعصية والرزق والأجل بعلمه القديم، وكتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلق وحين خلق الجنين كتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد، وهذا القدر وقد كان ينكره غلاة القدرية قديما، ومنكره اليوم قليل، والدرجة الثانية: هو مشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة هو الإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما من حركة وسكون إلا بمشيئة الله، ولا يكون في ملكه ما لا يريد، وهو القادر على الموجودات والمعدمات، وهو خالق كل شيء ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسوله، ونهاهم عن معصية الله وهو يحب التوابين والمنفقين، والمحسنين والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا ولا يحب الكافرين ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر، والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم وإرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي- صلى الله عليه وسلم- مجوس [حسن، وانظر صحيح الجامع(4442)] هذه الأمة ويغلوا فيها قوم من أهل الإثبات حتى يسلبوا من العبد قدرته واختياره ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها، ومصالحها/12 هذا خلاصة ما قاله شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية/12.