غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلۡأَعۡنَٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ} (11)

1

وحين ذكر مرعى الحيوان أتبعه ذكر غذاء الإنسان فقال :{ ينبت لكم به الزرع } الذي هو الغذاء الأصلي { والزيتون } الذي هو فاكهة من وجه وغذاء من وجه لكثرة ما فيه من الدهن { والنخيل والأعناب } اللتين هما أشرف الفواكه . ثم أشار إلى الثمرات بقوله : { ومن كل الثمرات } كما أجمل الحيوانات التي لم يذكرها بقوله : { ويخلق ما لا تعلمون } قال في الكشاف : إنما لم يقل و " كل الثمرات " بل زاد " من " التبعيضية لأن كلها لا يكون إلا في الجنة . واعلم أنه قدم الغذاء الحيواني على الغذاء النباتي لأن النعمة فيه أعظم لأنه أسرع تشبيهاً ببدن الإنسان ، وفي ذكر الغذاء النباتي قدم غذاء الحيوان - وهو الشجر - على غذاء الإنسان - وهو الزرع وغيره - بناء على مكارم الأخلاق وهو أن يكون اهتمام الإنسان بحال من تحت يده أكمل من اهتمامه بحال نفسه ، وإنما عكس الترتيب في قوله : { كلوا وارعوا أنعامكم } بناء على ما هو الواجب في نفس الأمر كقوله صلى الله عليه وسلم : " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول "

/خ23