محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَكُلِي وَٱشۡرَبِي وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا} (26)

{ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ( 26 ) } .

{ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا } أي بالكمال والولد المبارك ، الموجود بالقدرة ، الموهوب بالعناية . قال الزمخشري : أي جمعنا لك في السري والرطب فائدتين : إحداهما الأكل والشرب والثانية سلوة الصدر ، لكونهما معجزتين . وهو معنى قوله : { فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا } أي وطيبي نفسا ولا تغتمي . وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك { فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا } أي من المحجوبين عن الحقائق بظواهر الأسباب ، الذين لا يفهمون قولك ولا يصدقون بحالك . لوقوفهم مع العادة واحتجابهم عن نور الحق . فإذا سألوك { فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا } أي لا تكلميهم في أمرك شيئا . ولا تماديهم فيما لا يمكنهم قبوله . وإنما أمرت بذلك لكراهة مجادلة السفهاء ، والاكتفاء بكلام عيسى عليه السلام . فإنه نص قاطع في براءة ساحتها ، فقوله : { صوما } أي صمتا . وقوله : { فلن أكلم } الخ تفسير للنذر بذكر صيغته .

/خ36