{ وَلَوْ رحمناهم وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ } أي من سوء حال ، قيل : هو ما عراهم بسبب أخذ مترفيهم بالعذاب يوم بدر أعني الجزع عليهم وذلك بإحيائهم وإعادتهم إلى الدنيا بعد القتل أي ولو رحمناهم وكشفنا ضرهم بإرجاع مترفيهم إليهم { لَّلَجُّواْ } لتمادوا { فِي طغيانهم } افراطهم في الكفر والاستكبار وعداوة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين { يَعْمَهُونَ } عامهين مترددين في الضلال يقال عمه كمنع وفرح عمها وعموها وعموهة وعمهانا ، وقيل : هو ما هم فيه من شدة الخوف من القتل والسبي ومزيد الاضطراب من ذلك لما رأوا ما حل بمترفيهم يوم بدر وكشفه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكف عن قتالهم وسبيهم بعد أو بنحو ذلك وهو وجه ليس بالبعيد وقيل : المراد بالضر عذاب الآخرة أي أنهم في الرداءة والتمرد إلى أنهم لو رحموا وكشف عنهم عذاب النار وردوا إلى الدنيا لعادوا لشدة لجاجهم فيما هم عليه وفيه من البعد ما فيه .
واستظهر أبو حيان أن المراد به القحط والجوع الذي أصابهم بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أنه مروى عن ابن عباس . وابن جريج ، وقد دعا عليهم صلى الله عليه وسلم بذلك في مكة يوم ألقى عليه المشركون وهو قائم يصلي عند البيت سلى جزور فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف » ودعا بذلك أيضاً بالمدينة ، فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام مكث شهراً إذا رفع رأسه من الركعة الثانية من صلاة الفجر بعد قوله «سمع الله لمن حمده » يقول : «اللهم انج الوليد بن الوليد . وسلمة بن هشام . وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين بمكة اللهم أشدد وطأتك » الخ ، وربما فعل ذلك بعد رفعه من الركعة الأخيرة من صلاة العشاء ، وكلتا الروايتين ذكرهما برهان الدين الحلبي في سيرته ، والكثير على أنه الجوع الذي أصابهم من منع ثمامة الميرة عنهم ، وذلك أن ثمامة بن أثال الحنفي جاءت به إلى المدينة سرية محمد بن مسلمة حين بعثها صلى الله عليه وسلم إلى بني بكر ابن كلاب فاسلم بعد أن امتنع من الإسلام ثلاثة أيام ثم خرج معتمراً فلما قدم بطن مكة لبى وهو أول من دخلها ملبياً ومن هنا قال الحنفي
: ومنا الذي لبى بمكة معلنا *** برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم
فاخذته قريش فقالوا : لقد اجترأت علينا وقد صبوت يا ثمامة قال : أسلمت واتبعت خير دين دين محمد صلى الله عليه وسلم والله لا يصل إليكم حبة من اليمامة وكانت ريفا لأهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج ثمامة إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً حتى أضر بهم الجوع وأكلت قريش العلهز فكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع إنك تأمر بصلة الرحم وأنت قد قطعت أرحامنا فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة رضي الله تعالى عنه خل بين قومي وبين ميرتهم ففعل ، وفي رواية أن أبا سفيان جاءه صلى الله عليه وسلم فقال : ألست الخ ، ووجه الجمع ظاهر وكان هذا قبل الفتح بقليل . وعندي أن { لَوْ } تبعد هذا القول كما لا يخفى ، نعم أخرج ابن جرير . وجماعة عن ابن عباس ما هو نص في أن قصة ثمامة سبب لنزول
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.