اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (75)

قوله : { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ } قحط وجدب{[33213]} وقيل : ضرر القتال والسبي . وقيل : مضار الآخرة وعذابها {[33214]} .

قوله : «للجُّوا » جواب «لَوْ » ، وقد توالى فيه لاَمَان ، وفيه تضعيف لقول من قال : جوابها إذا نفي ب ( لم ) ونحوها مما صدر فيه حرف النفي بلام أنه لا يجوز دخول اللام ولو قلت : لو قام لَلَمْ يقم عمرو ، لَمْ يجز ، قال : لئّلا يتوالى لامان ، وهذا موجود في الإيجاب كهذه الآية ، ولم يمتنع ، وإلا فما الفَرْق بين النفي والإثبات في ذلك{[33215]} واللّجَاجُ : التمادي في العناد في تعاطي الفعل المزجور{[33216]} عنه ، ومنه اللَّجَّة : بالفتح : لتردد الصوت ، كقوله :

في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عن فُلِ{[33217]} ***

ولجَّة البحر لتردد{[33218]} أمواجه ، ولَجَّةُ الليل لتردّد ظلامه . واللَّجْلَجَةُ تردّد الكلام ، وهو تكرير لَجَّ ، ويقال : لَجَّ والتَجَّ{[33219]} . ومعنى الآية : لتمادوا في طغيانهم وضلالهم وهم متحيرون لم ينزعوا عنه {[33220]} .


[33213]:انظر البغوي 6/32.
[33214]:انظر الفخر الرازي 23/114.
[33215]:لم يمنع النحاة دخول اللام في الإيجاب، وإنما منعوا دخولها في النفي لئلا يجمع بين متماثلين في نحو لم، ولن، ولما، ولا، وحمل الباقي عليه. وعلل الرضي منع ذلك بالتنافي في الظاهر، وذلك لأن اللام للثبوت، والثبوت ينافي النفي في الظاهر. وجواب (لو) في الآية التي معنا مثبت، فاللام داخلة على (لجوا) ولامه فاء الفعل، وليست نافية حتى يمتنع دخولها عليه وإن أدى إلى توالي لامين – فقد علل الرضي المنع بالتنافي بين اللام وبين النفي، وجواب (لو) إذا كان فعلا ماضيا مثبتا يغلب اقترانه باللام المفتوحة. شرح الكافية 2/338، شرح التصريح 1/222، الهمع 1/140، 2/66.
[33216]:في ب: الموجود. وهو تحريف.
[33217]:رجز قاله أبو النجم، وهو في الكتاب 2/248، 3/452، المقتضب 4/238، أمالي ابن الشجري 2/101، المقرب 200 – اللسان (لجج – فلن) المقاصد النحوية 4/228، شرح التصريح 2/180، الهمع 1/177، شرح الأشموني 3/161، الخزانة 2/389، الدرر 1/154. اللجة – بالفتح – اختلاط الأصوات في الحرب، وهو محل الشاهد هنا واستشهد به النحاة على أن استعمال (فل) موضع فلان في غير النداء ضرورة، وأن (فل) أصله (فلان) فإذا صغر رد إلى أصله، فقيل: فلين.
[33218]:في ب: لترد.
[33219]:فاللجلجة والتلجلج: التردد في الكلام. اللسان (لجج).
[33220]:انظر الفخر الرازي 23/114.