تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

الميزان : العدل .

الساعة : القيامة .

إن الله هو الذي أنزل القرآن على نبيه محمد ، كما أنزل ما قبله من الكتب مشتملةً على الحق والعدل . . وما يدريك أيها النبي لعل وقت قيام الساعة قريب .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

قوله تعالى :{ الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان } قال قتادة ، ومجاهد ، ومقاتل : العدل وسمي العدل ميزاناً لأن الميزان آلة الإنصاف والتسوية . قال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر الله تعالى بالوفاء ، ونهى عن البخس . { وما يدريك لعل الساعة قريب } ولم يقل قريبة لأن تأنيثها غير حقيقي ، ومجازه : الوقت . وقال الكسائي : إتيانها قريب . قال مقاتل : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الساعة ذات يوم ، وعنده قوم من المشركين ، فقالوا تكذيباً : متى تكون الساعة ؟ فأنزل الله هذه الاية .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

قوله تعالى : " الله الذي أنزل الكتاب " وما يريدك لعل الساعة قريب يعني القرآن وسائر الكتب المنزلة . " بالحق " أي بالصدق . " والميزان " أي العدل . قاله ابن عباس وأكثر المفسرين . والعدل يسمى ميزانا ؛ لأن الميزان آلة الإنصاف والعدل . وقيل : الميزان ما بين في الكتب مما يجب على الإنسان أن يعمل به . وقال قتادة : الميزان العدل فيما أمر به ونهي عنه . وهذه الأقوال متقاربة المعنى . وقيل : هو الجزاء على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب . وقيل : إنه الميزان نفسه الذي يوزن به ، أنزله من السماء وعلم العباد الوزن به ؛ لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس . قال الله تعالى : " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " {[13483]} [ الحديد : 25 ] . قال مجاهد : هو الذي يوزن به . ومعنى أنزل الميزان . هو إلهامه للخلق أن يعملوه ويعملوا به . وقيل : الميزان محمد صلى الله عليه وسلم يقضي بينكم بكتاب الله . " وما يدريك لعل الساعة قريب " فلم يخبره بها . يحضه على العمل بالكتاب والعدل والسوية ، والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئ اليوم الذي يكون فيه المحاسبة ووزن الأعمال ، فيوفى لمن أوفى ويطفف لمن طفف . ف " لعل الساعة قريب " أي منك وأنت لا تدري . وقال : " قريب " ولم يقل قريبة ؛ لأن تأنيثها غير حقيقي لأنها كالوقت . قاله الزجاج . والمعنى : لعل البعث أو لعل مجيء الساعة قريب . وقال الكسائي : " قريب " نعت ينعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنى ولفظ واحد . قال الله تعالى : " إن رحمة الله قريب من المحسنين " {[13484]} [ الأعراف : 56 ] قال الشاعر :

وكنا قريبا والديار بعيدة *** فلما وصلنا نُصْب أعينهم غِبْنَا


[13483]:آية 25 سورة الحديد.
[13484]:آية 56 سورة الأعراف. راجع ج 7 ص 227.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِيزَانَۗ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ} (17)

ولما جزم سبحانه بما توعدهم به بعد أن حكم على حجتهم بالدحوض ، وكان لا يجزم بالشيء إلا من كان نافذ الأمر محيط الحكم ، نبه على أنه كذلك ، مبيناً ما به يعرف ثبات الحجج ودحوضها المستلزم للغضب من الله المستعقب للعذاب ، بقوله لافتاً القول إلى الاسم الأعظم تنبيهاً على عظمة المخبر عنه : { الله } أي الذي له جميع الملك { الذي } وأشار بالتعبير بالإنزال إلى أن المراد جملة الكتاب الذي لا مطعن في شيء منه فقال : { أنزل الكتاب } أي أوجد إنزاله هو لا غيره { بالحق } أي متلبساً على أكمل الوجوه بالأمر الثابت الذي لا يبدل وبسبب العمل الحق العام للأقوال والأفعال والعقائد لتعرف الحجج الثابتة من غيرها .

ولما كان الكتاب آمراً بالعدل قالاً وحالاً ، وكان من محسوسات أوامره التقدير بالمقادير الضابطة ، قال مخصصاً معبراً بأقومها إشارة إلى أن الكتاب أعدل عدالة عند العقل وأبين من الميزان للحس : { والميزان } أي الأمر به مريداً به عينه حقيقة وجميعها بل جميع العدل الذي تقدم في " لا عدل بينكم " مجازاً . ولما ثبت أن من جادل فيه كانت حجته داحضة إذا حوسب في الساعة فكان معذباً ، وكان التقدير بما هدى إليه السياق تسلية له صلى الله عليه وسلم فيما يقاسي في إنفاذ ما أمر به من العدل في جميع أقواله وأفعاله وصبره على أذاهم : فمن فزع إلى الكتاب في المعاني وإلى الميزان في الأعيان فبنى أمره على تحقق العدل فيهما بهما فاز ، ومن أهمل ذلك خاب ، فدحضت حجته ، وسقطت عند ربه منزلته ، وما يدريك لعل من جار يعاجل في الدنيا بالأخذ لكون أجله الذي سبقت الكلمة بتأخيره إليه قد حضر ، عطف عليه قوله موجهاً الخطاب إلى أعلى الخلق تعظيماً للأمر : { وما يدريك } يا أكمل الخلق { لعل الساعة } التي أشير إليها في هذه الآية بقوله { عند ربهم } بعد أن صرح بها في غير آية . ولما كان تأنيث الساعة غير حقيقي لأنها بمعنى الوقت ، ذكرها فقال : { قريب * } فأفهم ذلك أنها ذات الشدائد وأن شدائدها ذكور الشدائد وأن قربها أسرع من لمع البرق لما له من الثبات في الحق ، أو ذكرها على إرادة السبب أي ذات قرب ، أو على حذف مضاف أي مجيئها ، وعلى كل حال فهو دال على تفخيمها أي إنك بمظنة من قرب القيامة ، فيقع بهم ما توعدوا به مما ينبغي الإشفاق منه ، فيظهر فيها العدل بموازين القسط لجميع الأعمال ظهوراً لا يتمارى فيه أحد فيشرف من وفى ، ويخزي من جار وجفا .