وبعد أن وصف نفسَه بصفات الكمال ، وجّه المؤمنين إلى الأخلاق الفاضلة ، والصدق في القول والعمل ، فخاطبهم بقوله :
{ ياأيها الذين آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } ّ .
قال ابن عباس : كان أناس من المؤمنين يقولون : لَوَدِدْنا أن الله دلّنا على أحبِّ الأعمال إليه فنعمل به ، فأخبر الله نبيّه أن أحب الأعمال إليه إيمانٌ بالله لا شكّ فيه ، وجهادٌ في سبيله . فلما فُرضَ الجهادُ كره ذلك ناسٌ من المؤمنين وشقّ عليهم أمرُه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
{ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم . يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } قال المفسرون : إن المؤمنين قالوا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه ، ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا . فأنزل الله عز وجل : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً } فابتلوا بذلك يوم أحد فولوا مدبرين ، فأنزل الله تعالى :{ لم تقولون ما لا تفعلون } ؟ وقال محمد بن كعب : لما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بثواب شهداء بدر ، قالت الصحابة لئن لقينا بعده قتالاً لنفرغن فيه وسعنا ، ففروا يوم أحد فعيرهم الله بهذه الآية . وقال قتادة والضحاك : نزلت في شأن القتال ، كان الرجل يقول : قاتلت ولم يقاتل ، وطعنت ولم يطعن ، فنزلت هذه الآية ، قال ابن زيد : نزلت في المنافقين كانوا يعدون النصر للمؤمنين وهم كاذبون .
قوله : { ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } استفهام على سبيل الإنكار والتوبيخ . إذ ينكر الله أن يقول المرء من الخير أو المعروف مالا يفعله . فإن كان قد قاله عن الماضي فهو كذب . وإن كان قاله عن المستقبل ولم يأته فهو خلف وكلاهما مذموم . وقد كان المسلمون – قبل نزول هذه الآية – يقولون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا ، فدلهم الله على أحب الأعمال إليه فقال : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا }فابتلوا يوما بذلك فولوا مدبرين فأنزل الله تعالى : { لم تقولون ما لا تفعلون } . {[4522]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.