الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (2)

أخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس قال : «قال ناس : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه ، فأخبرهم الله ، فقال :{ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } فكرهوا ذلك فأنزل الله :{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : «كانوا يقولون : والله لو نعلم ما أحب الأعمال إلى الله فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } إلى قوله : { بنيان مرصوص } فدلهم على أحب الأعمال إليه » .

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : «قالوا : لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } إلى قوله : { بنيان مرصوص } .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن مجاهد في قوله :{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } إلى قوله : { بنيان مرصوص } قال : نزلت في نفر من الأنصار منهم عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس لهم : لو نعلم أي عمل أحب إلى الله لعملناه حتى نموت ، فأنزل الله هذا فيهم ، فقال ابن رواحة : لا أبرح حبيساً في سبيل الله حتى أموت ، فقتل شهيداً » .

وأخرج مالك في تفسيره عن زيد بن أسلم قال : «نزلت هذه الآية في نفر من الأنصار فيهم عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا به حتى نموت ، فأنزل الله هذه فيهم ، فقال ابن رواحة : لا أبرح حبيساً في سبيل الله حتى أموت شهيداً » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : «قال المؤمنون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملناه فدلهم على أحب الأعمال إليه فقال : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً } فبين لهم فابتلوا يوم أحد بذلك فولوا عن النبي صلى الله عليه وسلم مدبرين ، فأنزل الله في ذلك ك{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } » .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح قال : «قال المسلمون : لو أمرنا بشيء نفعله ، فنزلت { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } قال : بلغني أنها نزلت في الجهاد ، كان الرجل يقول : قاتلت وفعلت ، ولم يكن فعل ، فوعظهم الله في ذلك أشد الموعظة » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث السرية ، فإذا رجعوا كانوا يزيدون في الفعل ، ويقولون قاتلنا كذا وفعلنا كذا ، فأنزل الله الآية » .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : إن القاص ينتظر المقت فقيل له أرأيت قول الله : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } أهو الرجل يقرظ نفسه فيقول : فعلت كذا وكذا من الخير ، أم هو الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وإن كان فيه تقصير ، فقال : كلاهما ممقوت .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد الوالبي قال : جلسنا إلى خباب ، فسكت ، فقلنا : ألا تحدثنا فإنما جلسنا إليك لذلك ؟ فقال : أتأمروني أن أقول ما لا أفعل .