فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ} (2)

{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ؟ } هذا الاستفهام للتقريع والتوبيخ على جهة الإنكار ، أي لم تقولون من الخير ما لا تفعلونه ؟ ولم مركبة من اللام الجارة وما الاستفهامية . وحذفت ألفها تخفيفا لكثرة استعمالها ، كما في نظائرها قال النسفي : وهي لام الإضافة داخلة على ما الاستفهامية ، كما دخل عليها غيرها مكن حروف الجر في قولك فيم فيم ومم وعم وإلام وعلام ، وإنما حذفت الألف لأن ما وحرف الجر كشيء واحد ، ووقع استعمالهما كثيرا في كلام المستفهم محذوفة الألف ، وقد جاء استعمال الأصل قليلا كقول الشاعر :

على ما قام يشتمني جرير

عن ابن عباس قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون وددنا لو أن الله أخبرنا بأحب الأعمال فنعمل به فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، بأن أحب الأعمال إيمان بالله لا شك فيه ، وجهاد أهل معصية الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به ، فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين ، وشق عليهم أمره ، فقال الله :{ لم تقولون ما لا تفعلون } ؟ قال النخعي : ثلاث آيات في كتاب الله منعتني أن أقضي على الناس ، { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم }{ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } ، وهذه الآية ،