تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشمس مكية وآياتها خمس عشرة ، نزلت بعد سورة القدْر . وقد تناولتْ موضوع النفس الإنسانية وما جبلها الله عليه من الخير والشر والهدى والضلال ، وموضوع الطغيان متمثلا في ثمود ، قوم صالح ،

وما حلّ بهم ، ليعتبر كل معاند مكذب . والسورة الكريمة على قِصَرها تتضمن في أولها أمورا من مشاهد الكون وظواهره وتسير على نسق واحد .

الضحَى : ضوء الشمس ، وارتفاع النهار .

لقد أقسَم الله تعالى في مطلع هذه السورةِ الكريمة بأشياءَ عدة من مخلوقاته المنبئة عن كمالِ قُدرته تعالى ووحدانيّته ، على فوز من طهَّر نفسَه بالإيمان والطاعة ، وخسرانِ من ضيَّعها بالكفرِ والعصيان . فأقسم بالشمس وبضَوئها وإشراقها عند ارتفاع النهار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا} (1)

لما أثبت في سورة البلد أن الإنسان في كبد ، وختمها بأن من حاد عن سبيله كان في أنكد النكد ، وهو النار المؤصدة ، أقسم أول هذه على أن الفاعل لذلك أولاً وآخراً هو الله سبحانه لأنه يحول بين المرء وقلبه وبين القلب ولبه ، فقال مقسماً بما يدل على تمام علمه وشمول قدرته في الآفاق علويها وسفليها ، والأنفس سعيدها وشقيها وبدأ بالعالم العلوي ، فأفاد ذلك قطعاً العلم بأنه الفاعل المختار ، وعلى العلم بوجوب ذاته وكمال صفاته ، وذلك أقصى درجات القوى النظرية ، تذكيراً بعظائم آلائه ، ليحمل على الاستغراق في شكر نعمائه ، الذي هو منتهى كمالات القوى العملية ، مع أن أول المقسم به مذكر بما ختم به آخر تلك من النار : { والشمس } أي الجامعة بين النفع والضر بالنور والحر ، كما أن العقول كذلك لا أنور منها إذا نارت ، ولا أظلم منها إذا بارت { وضحاها * } أي وضوئها الناشىء عن جرمها العظيم الشأن البديع التكوين المذكر بالنيران إذا أشرقت وقام سلطانها كإشراق أنوار العقول ، والضحى - بالضم والقصر : صدر النهار حين ارتفاعه ، وبالفتح والمد : شدة الحر بعد امتداد النهار ، وشيء ضاح - إذا ظهر للشمس والحر .