البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشمس

هذه السورة مكية . ولما تقدّم القسم ببعض المواضع الشريفة وما بعدها ، أقسم هنا بشيء من العالم العلوي والعالم والسفلي ، وبما هو آلة التفكر في ذلك ، وهو النفس .

وكان آخر ما قبلها مختتماً بشيء من أحوال الكفار في الآخرة ، فاختتم هذه بشيء من أحوالهم في الدنيا ، وفي ذلك بمآلهم في الآخرة إلى النار ، وفي الدنيا إلى الهلاك المستأصل .

وتقدم الكلام على ضحى في سورة طه عند قوله : { وأن يحشر الناس ضحى } وقال مجاهد : هو ارتفاع الضوء وكماله .

وقال مقاتل : حرها لقوله { ولا تضحى } وقال قتادة : هو النهار كله ، وهذا ليس بجيد ، لأنه قد أقسم بالنهار .

والمعروف في اللغة أن الضحى هو بعيد طلوع الشمس قليلاً ، فإذا زاد فهو الضحاء ، بالمد وفتح الضاد إلى الزوال ، وقول مقاتل تفسير باللازم .

وما نقل عن المبرد من أن الضحى مشتق من الضح ، وهو نور الشمس ، والألف مقلوبة من الحاء الثانية ؛ وكذلك الواو في ضحوة مقلوبة عن الحاء الثانية ، لعله مختلق عليه ، لأن المبرد أجل من أن يذهب إلى هذا ، وهذان مادتان مختلفتان لا تشتق إحداهما من الأخرى .