تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

بقدَر : بتقدير حسب حكمة بالغة .

ثم بين الله تعالى أن كلّ ما يوجد في هذا الكون يحدُث بقضائه وأمرِه وتقديره على ما تقتضيه حكمته .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

شرح الكلمات :

{ إنا كل شيء خلقناه بقدرٍ } : أي إنا خلقنا كل شيء بتقدير سابق لخلقنا له وذلك بكتابته في اللوح المحفوظ قبل خلق السموات والأرض فهو يقع كما كتب كمية وصورة وزمانا ومكاناً لا يتخلف في شيء من ذلك .

المعنى :

وقوله تعالى : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } إعلام منه تعالى عن نظام الكون الذي خلقه تعالى وهو أن كل حادث يحدث في هذا العالم قد سبق به علم الله وتقديره له فحَدَّد ذاته وصفاته وأعماله ومآله إلى جنة أو إلى نارٍ ، إن كان إنسانا أو جانا وليس هناك شيء يحدث بدون تقدير سابق له وعلم تام به قبل حدوثه .

الهداية

من الهداية :

- تقرير عقيدة القضاء والقدر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } وهذا شامل للمخلوقات والعوالم العلوية والسفلية ، أن الله تعالى وحده خلقها لا خالق لها سواه ، ولا مشارك له في خلقها{[941]} .


[941]:- في ب: خلقه.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

{ إنا كل شيء خلقناه بقدر } أي كل ما خلقناه فمقدور مكتوب في اللوح المحفوظ وهذه الآيات نزلت في القدرية الذين يكذبون بالقدر

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

قوله تعالى : " إنا كل شيء خلقناه بقدر " قراءة العامة " كل " بالنصب . وقرأ أبو السمال " كل " بالرفع على الابتداء . ومن نصب فبإضمار فعل وهو اختيار الكوفيين ؛ لأن إن تطلب الفعل فهي به أولى ، والنصب أدل على العموم في المخلوقات لله تعالى ؛ لأنك لو حذفت " خلقناه " المفسر وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كل شيء بقدر . ولا يصح كون خلقناه صفة لشيء ؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف ، ولا تكون تفسيرا لما يعمل فيما قبله .

الذي عليه أهل السنة أن الله سبحانه قدر الأشياء ، أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه ، فلا يحدث حدث في العالم العلوي والسفلي إلا وهو صادر عن علمه تعالى وقدرته وإرادته دون خلقه ، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب ومحاولة ونسبة وإضافة ، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى وبقدرته وتوفيقه وإلهامه ، سبحانه لا إله إلا هو ، ولا خالق غيره ، كما نص عليه القرآن والسنة ، لا كما قالت القدرية وغيرهم من أن الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا . قال أبو ذر رضي الله عنه : قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : الأعمال إلينا والآجال بيد غيرنا ، فنزلت هذه الآيات إلى قوله : " إنا كل شيء خلقناه بقدر " فقالوا : يا محمد يكتب علينا الذنب ويعذبنا ؟ فقال : ( أنتم خصماء الله يوم القيامة ) .

روى أبو الزبير عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله إن مرضوا فلا تعودهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن لقيتموهم فلا تسلموا عليهم ) . خرجه ابن ماجة في سننه . وخرج أيضا عن ابن عباس وجابر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أمتي ليس لهم في الإسلام نصيب أهل الإرجاء والقدر ) . وأسند النحاس : وحدثنا إبراهيم بن شريك الكوفي قال حدثنا عقبة بن مكرم الضبي قال حدثنا يونس بن بكير عن سعيد ابن ميسرة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( القدرية الذين يقولون الخير والشر بأيدينا ليس لهم في شفاعتي نصيب ولا أنا منهم ولا هم مني ) وفي صحيح مسلم أن ابن عمر تبرأ منهم ولا يتبرأ إلا من كافر ، ثم أكد هذا بقوله : والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر . وهذا مثل قوله تعالى في المنافقين : " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله{[14499]} " [ التوبة : 54 ] وهذا واضح . وقال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن ) .


[14499]:راجع جـ 8 ص 163.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ} (49)

ولما أخبر بقيام الساعة وما يتفق لهم فيها جزاء لأعمالهم التي قدرها عليهم وهي ستر فرضوا بها لاتباع الشهوات واحتجوا على رضاه بها ، وكان ربما ظن ظان أن تماديهم على الكفر لم يكن بإرادته سبحانه ، علل ذلك منبهاً على أن الكل فعله ، وإنما نسبته إلى العباد بأمور ظاهرية ، تقوم عليهم بها الحجة في مجاري عاداتهم ، فقال : { إنا } أي بما لنا من العظمة { كل شيء } أي من الأشياء المخلوقة كلها صغيرها وكبيرها .

ولما كان هذا التعميم في الخلق أمراً أفهمه النصب ، استأنف قوله تفسيراً للعامل المطوي وإخباراً بجعل ذلك الخلق كله على نظام محكم وأمر مقدر مبرم { خلقناه بقدر * } أي قضاء وحكم وقياس مضبوط وقسمة محدودة وقودة بالغة وتدبير محكم في وقت معلوم ومكان محدود مكتوب في ذلك اللوح قبل وقوعه تقيسه الملائكة بالزمان وغيره من العد وجميع أنواع الأقيسة - فلا يخرم عنه مثقال ذرة لأنه لا منازع لنا مع ما لنا من القدرة الكاملة والعلم التام ، فهذا العذاب بقدرتنا ومشيئتنا فاصبروا عليه وارضوا به كما كنتم ترضون أعمالكم السيئة ثم تحتجون على عبادنا بأنها مشيئتنا بنحو

{ ولو شاء الله ما أشركنا }[ الأنعام : 148 ] فقد أوصلكم إلى ما ترون وانكشف أتم انكشاف أنه لا يكون شيء على خلاف مرادنا ، ولا يقال لشيء قدرناه : لم ؟ قال الرازي في اللوامع : الكمية ساقطة عن أفعاله كما أن الكيفية والكمية ساقطتان عن ذاته وصفته - انتهى . ولا يكون شيء من أمره سبحانه إلا ما هو على غاية الحكمة ، ولو كان الخلق لا يبعثون بعد الموت ليقع القصاص والقياس العدل ليكون القياس جزافاً لا بقدر وعدل ، لأن المشاهد أن الفساد في هذه الدار من المكلفين من الصلاح أضعافاً مضاعفة ، وقرئ في الشواذ برفع " كل " وجعله ابن جني أقوى من النصب ، وليس كذلك لأن الرفع لا يفيد ما ذكرته ، وما حمله على ذلك إلا أنه معتزلي ، والنصب على ما قدرته قاصم لأهل الاعتزال .