تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (40)

حاصبا : ريحا فيها رمل وحجارة صغيرة .

فما استطاعوا أن ينجوا من عذاب الله الأليم ، بل أخذَهم الله بذنوبهم . فعادٌ أخذهم حاصبٌ ، وهو الريحُ الصرصر التي تتطاير معها حصباء الأرض فتضربهم وتقتلهم . وثمود أخذتهم الرَّجفة والصيحة . وقارون خَسف به وبداره الأرض . وفرعون وهامان غرقا في اليمّ . وذهبوا جميعا مأخوذين بظلمهم : { وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .

وإذا نظرنا الى أحوال الأمم الآن في معظم أقطار الأرض نجد الفتنَ والحروب والمشاكل التي لا تنتهي ، وغلاء الأسعار المتزايدَ في جميع أقطار الأرض ، أليسَ هذا كلّه من أنواع العذاب والبلاء ! لكن فرعون اليوم هو أمريكا وأوروبا من دول الاستعمار ، وهامان هو بعض الحكّام الذين لا يخلصون لشعوبهم .

أما نحن المسلمين ، فقد حِدنا عن جادة الصواب ، وانحرفنا عن ديننا واتبعنا أهواءنا فضعُفنا وتخاذلنا وتأخرنا ، وصرنا نهباً للأمم تنهب شركاتها خيراتنا حتى التي في باطن الأرض ، وتغتصب أراضينا بتواطؤ بعضنا في ذلك . أليس هذا من العذاب ! !

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (40)

{ فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا } الحاصب الحجارة ، والحاصب أيضا الريح الشديدة ، ويحتمل عندي أنه أراد به المعنيين ، لأن قوم سيدنا لوط أهلكوا بالحجارة ، وعاد أهلكوا بالريح ، وإن حملناه على المعنى الواحد نقص ذكر الآخر ، وقد أجاز كثير من الناس استعمال اللفظ الواحد في معنيين كقوله : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } [ الأحزاب :56 ] ويقوي ذلك هنا لأن المقصود هنا ذكر عموم أخذ أصناف الكفار . { ومنهم من أخذته الصيحة }ك يعني ثمود ومدين .

{ ومنهم من خسفنا به الأرض } : يعني قارون .

{ ومنهم من أغرقنا } : يعني قوم نوح وفرعون وقومه .