بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (40)

قوله عز وجل : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني : كلهم أهلكناهم بذنوبهم . ويقال : معناه أهلكنا كلّ واحد منهم بذنبه لا بذنب غيره . { فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً } يعني : الحجارة ، وهم قوم لوط . { ومنهم من أخذته الصيحة } وهم قوم صالح { وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض } يعني : قارون { وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا } وهم فرعون وقومه . وقال العتبي الأخذ أصله باليد ، ثم يستعار في مواضع ، فيكون بمعنى القبول ، كقوله عز وجل { وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كتاب وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذلكم إِصْرِى قالوا أَقْرَرْنَا قَالَ فاشهدوا وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشاهدين } [ آل عمران : 81 ] أي قبلتم عهدي ، والأخذ التعذيب ، كقوله { وكذلك أَخْذُ رَبّكَ } وكقوله { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ } يعني : عذبنا ، وكقوله { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والاحزاب مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } [ غافر : 5 ] يعني : ليعذبوه { وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ } يعني : لم يعذبهم من غير جرم منهم . { ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بجرمهم يستوجبون العقوبة .