الحواريون : الأصفياء والخلاّن .
ثم أمر الله تعالى المؤمنين أن يعملوا ويجدّوا ويكونوا أنصار الله في كل حين ، فلا يتخاذلوا ولا يتناحروا ويتحاربوا ، وأن لا يتوكلوا فيقعدوا ويطلبوا النصر ، بل عليهم أن يعملوا ويجاهدوا حتى يكتب الله لهم النصر . فقال : { يا أيها الذين آمَنُواْ كونوا أَنصَارَ الله } فاستعدّوا وأعدّوا من قوتكم ما استطعتم ، ولا تنتظروا من أعدائكم أن يحلّوا لكم قضيتكم وينصروكم .
وكيف ينصرونكم والبلاء منهم ، وهم الذين يدعمون عدوكم ويمدّونه بالمال والسلاح ! ! .
وخلاصة القول : كونوا أنصار الله في جميع أعمالكم وأقوالكم واستعدّوا دائما ، كما استجاب الحواريّون لعيسى .
{ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الذين آمَنُواْ على عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ } ، وأنتم أيها المسلمون ، في هذا العصر إذا كنتم تريدون أن تبقوا في بلادكم وأن تستردوا الأراضي المقدسة وما اغتُصب من وطنكم ، على يد اليهود والدولة الكبرى حليفتهم والمؤيدة لهم ، فجاهدوا جهادا حقيقيا في سبيل الله ينصركم الله ، وتصبحوا ظاهرين غالبين .
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو : كونوا أنصارا لله بالتنوين . وقرأ الباقون : كونوا أنصار الله بالإضافة . وقرأ نافع وحده : من أنصاريَ إلى الله بفتح الياء . والباقون : أنصاري إلى الله .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ( 14 ) } .
يا أيها الذين صدَّقوا الله واتبعوا رسوله ، كونوا أنصارًا لدين الله ، كما كان أصفياء عيسى أنصارًا لدين الله حين قال لهم عيسى : مَن يتولى منكم نصري وإعانتي فيما يُقرِّب إلى الله ؟ قالوا : نحن أنصار دين الله ، فاهتدت طائفة من بني إسرائيل ، وضلَّت طائفة ، فأيدنا الذين آمنوا بالله ورسوله ، ونصرناهم على مَن عاداهم مِن فرق النصارى ، فأصبحوا ظاهرين عليهم ؛ وذلك ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم .
قوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحوارييّن من أنصارى إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيّدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين } .
يأمر الله عباده المؤمنين أن يكونوا أنصارا لله . أي ينصرون دينه بأقوالهم وأفعالهم وأموالهم وفي كل أحوالهم وبكل ما يستطيعون كما استجاب الحواريون لعيسى ابن مريم ، إذ قال لهم : { من أنصارى إلى الله } أي من ينصرني ويعينني على طاعة الله والدعوة إلى دينه { قال الحواريّون نحن أنصار الله } الحواريون جمع ، ومفرده الحواري وهو الناصر ، أو ناصر الأنبياء ، والحميم ، والقصار{[4530]} .
والمراد بالحواريين في الآية ، أتباع عيسى ( عليه السلام ) وهم أعوانه ومؤيدوه وكانوا اثني عشر رجلا . فاستجابوا لدعائه مؤيدين { نحن أنصار الله } يعني نحن الذين ينصرون الله فيؤيدون دينه وينشرون دعوته ، دعوة الحق والتوحيد .
قوله : { فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة } ذهب الحواريون في البلاد يدعون بني إسرائيل إلى عبادة الله وحده والإيمان بما جاءهم به نبيهم عيسى ( عليه السلام ) فاهتدى بهديهم وآمن بدعوتهم طائفة من بني إسرائيل ، وكفر آخرون { فأيّدنا الذين آمنوا على عدوهم } كتب الله النصر والظفر للفئة المؤمنة بتأييد من لدنه ، والله ( عز وعلا ) مع المؤمنين الصابرين ، إذ يجعل النصر لعباده الذين يؤمنون به وينصرون دينه { فأصبحوا ظاهرين } صار المؤمنون الذين نصروا دين الله بأقوالهم وأفعالهم هم الغالبين المنصورين ، وذلك بتأييد الله لهم ونصره إياهم{[4531]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.