الآية 14 وقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله } هذا كلام ، يورث شبهة في القلب : أن كيف قال : { كونوا أنصار الله } والله تعالى ، لا يخاف حتى يستنصر عليه غيره ؟ ولكن السبيل في كشف هذه الغمّة عن القلوب ، هو أن المعنى في هذا وفي قوله : { وأقرضوا الله قرضا حسنا } [ المزمل : 20 } وقد وصفنا في ذلك أن الله تعالى جعل ما يصلون به أرحامهم ، ويتصدقون به على الفقراء ، كأنهم أقرضوا الله كرما منه وفضلا ولطفا . فكذلك يحتمل أن يكون جعل ما ينصرون به دينه أو رسوله نصر الله تعالى .
وذلك قوله تعالى { إن تنصروا الله ينصركم } [ محمد : 7 ] والمعنى في هذا : إن تنصروا دين الله ينصركم ، أو إن تنصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إن تنصروا الحق ، والله أعلم أي ذلك كان .
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك كله : أي اجعلوا ما تنصرون به دينكم لله تعالى ولوجهه ، وكذلك قوله تعالى : { وأقرضوا الله قرضا حسنا } [ أي ] {[21183]}اجعلوا ذلك لله تعالى ولوجهه الكريم .
ولا بد من أن يكون في هذه الآية إضمار : إما في الابتداء [ وإما ] {[21184]}في الانتهاء حتى تستقيم عليه .
وقوله تعالى : { كما قال عيسى ابن مريم للحواريين } كأنه يقول : قل للذين { آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله } أو يكون معناه وإضماره في حق الإجابة ، أي أجيبوا الله ورسوله ، وكونوا أنصارا له كما أجاب قوم عيسى بقولهم : { نحن أنصار الله } .
[ والحواريون : الناصرون الواقون ]{[21185]} دينهم عن الشبهة ، وهم قوم كانوا خيرة عيسى عليه السلام وخاصته حين {[21186]} دعاهم إلى دينه فأجابوه ، وآمنوا به ووقوا{[21187]} دينهم عن كل شبهة وآفة وعيب .
وقوله تعالى : { فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة } هذا يحتمل أن يكون في حياة عيسى عليه السلام حين اتبعه الحواريون ، ثم دعا بعد ذلك قومه إلى دينه ، { فآمنت طائفة وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا } بالبراهين والحجج على الطائفة الذين كفروا ، فأصبحوا ظاهرين على أعدائهم بالحجج والبراهين .
ويجوز أن يكون [ ذلك ] {[21188]}بعد وفاة عيسى عليه السلام حين اختلفوا في ماهيته :
فمنهم من قال : هو الله ، ومنهم من قال : هو ابن الله ، فكفرت به هذه الطائفة وآمنت به طائفة أخرى ، { فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم } حين وقع لهم قتال ، فنصروا عليهم ، وظفروا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.