الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ لِلۡحَوَارِيِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فَـَٔامَنَت طَّآئِفَةٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٞۖ فَأَيَّدۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُواْ ظَٰهِرِينَ} (14)

قرىء : «كونوا أنصار الله وأنصاراً لله » ، وقرأ ابن مسعود : «كونوا أنتم أنصار الله » . وفيه زيادة حتم للنصرة عليهم .

فإن قلت : ما وجه صحة التشبيه وظاهره تشبيه كونهم أنصاراً بقول عيسى صلوات الله عليه : { مَنْ أنصارى إِلَى الله } ؟ قلت : التشبيه محمول على المعنى ، وعليه يصح . والمراد : كونوا أنصار الله كما الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم : { مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله } .

فإن قلت : ما معنى قوله : { مَنْ أنصارى إِلَى الله } ؟ قلت : يجب أن يكون معناه مطابقاً لجواب الحواريين { نَحْنُ أَنْصَارُ الله } والذي يطابقه أن يكون المعنى : من جندي متوجهاً إلى نصرة الله ، وإضافة { أنصارى } خلاف إضافة { أَنْصَارَ الله } فإنّ معنى { نَحْنُ أَنْصَارُ الله } : نحن الذين ينصرون الله . ومعنى { مَنْ أنصارى } من الأنصار الذين يختصون بي ويكونون معي في نصرة الله ؛ ولا يصح أن يكون معناه : من ينصرني مع الله ؛ لأنه لا يطابق الجواب . والدليل عليه : قراءة من قرأ : «من أنصار الله » . والحواريون أصفياؤه وهم أوّل من آمن به وكانوا اثني عشر رجلاً ؛ وحواري الرجل : صفيه وخلصانه من الحوار وهو البياض الخالص . والموارى : الدرمك . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي " وقيل : كانوا قصارين يحوّرون الثياب يبيضونها . ونظير الحواري في زنته : الحوالي : الكثير الحيل ، { فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ } منهم بعيسى { وَكَفَرَت } به { طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا } مؤمنيهم على كفارهم ، فظهروا عليهم ، وعن زيد بن علي : كان ظهورهم بالحجة .

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الصف كان عيسى مصلياً عليه مستغفراً له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه " .