بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ لِلۡحَوَارِيِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فَـَٔامَنَت طَّآئِفَةٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٞۖ فَأَيَّدۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُواْ ظَٰهِرِينَ} (14)

ثم قال عز وجل : { يا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ كُونُواْ أنصار الله } ، قرأ ابن كثير ، ونافع وأبو عمرو { أَنصَار الِلَّهِ } بالتنوين ، والباقون { أَنْصَارُ الله } بالإضافة ، ومعناهما واحد يعني : كونوا أعوان الله بالسيف على أعدائه ، ومعناه : انصروا الله ، وانصروا دين الله ، وانصروا محمداً صلى الله عليه وسلم ، كما نصر الحواريون عيسى ابن مريم . وهو قوله تعالى : { كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أنصارى إِلَى الله } يعني : من أعواني إلى الله ، ويقال : إنما سموا الحواريون لبياض ثيابهم ، ويقال : كانوا قصارين ، ويقال : خلصاؤه وصفوته . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الزُّبَيْرُ ابنُ عِمَّتِي وَحَوَارِيَّ مِنْ أُمَّتِي » . وتأويل الحواريين في اللغة ، الذين أخلصوا وتبرؤوا من كل عيب ؛ وكذلك الدقيق الحواري ، لأنه ينتقى من لباب البرّ . وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم ، وكانوا صيادين . وروى عبد الرزاق ، عن معمر قال : تلا قتادة { يا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ كُونُواْ أنصار الله } قال : وقد كان ذلك بحمد الله جاءه السبعون ، فبايعوه عند العقبة فنصروه وآووه ، حتى أظهر الله دينه .

{ قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله } يعني : نحن أعوانك مع الله ، { فآمنت طائفة من بني إسرائيل } يعني : بعيسى عليه السلام ويقال : فآمنت طائفة من بني إسرائيل بمحمد صلى الله عليه وسلم ، { وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ } يعني : جماعة منهم . { فأيّدنا الذين آمنوا على عدوّهم } يعني : قوينا الذين آمنوا على عدوهم من الكفار ، { فَأَصْبَحُواْ ظاهرين } ، فصاروا غالبين بالنصرة ، والحجة ؛ والله أعلم بالصواب .