غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ لِلۡحَوَارِيِّـۧنَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِۖ فَـَٔامَنَت طَّآئِفَةٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٞۖ فَأَيَّدۡنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمۡ فَأَصۡبَحُواْ ظَٰهِرِينَ} (14)

2

قوله { هل أدلكم } فإن نسبة هذا الاستفهام إلى رسوله أولى من نسبته إلى الله سبحانه على مالا يخفى . قوله :{ كونوا أنصار الله } أي أعوان دينه ، { كما قال عيسى ابن مريم للحوارين } أي أصفيائه وقد مر ذكرهم في " آل عمران " { من أنصاري } متوجهاً { إلى } نصرة دين { الله } قال أهل البيان : فيه تشبيه كونهم أنصاراً بقول عيسى وإنه لا يصح على الظاهر لأن الكون يشبه بالكون لا القول ، فوجهه أن يحمل التشبيه على المعنى وبيانه أن كون الحواريين أنصار الله يعرف من سياق الآية بعدها وهو قول الحواريين { نحن أنصار الله } وارد بطريق الاستئناف كأن سائلاً سأل : فماذا قال الحواريون حينئذ ؟ فأجيب بما أجيب . وقولهم لا يخالف كونهم فيعود معنى الآية إلى قول القائل : كونوا أنصار الله مثل كون الحواريين أنصار عيسى وقت قوله :{ من أنصاري } على أن " ما " مصدرية والمصدر يستعمل مقام الظرف اتساعاً كقولك " جئتك قدوم الحاج " و " خفوق النجم " أي وقت القدوم والخفوق والسر في العدول عن العبارة الواضحة إلى العبارة الموجودة هو أن سوق الكلام بطريق الكناية حيث جعل المشبه به لازم ما هو المشبه به أبلغ من التصريح ، وأن بناء الكلام على السؤال والجواب أوكد ، وأن المجاز وهو استفادة كونهم من قولهم أبلغ من الحقيقة ، ولعل في الآية أسراراً آخر لم نطلع عليها . ومعنى { ظاهرين } غالبين . عن زيد بن علي : كان ظهورهم بالحجة .

/خ14