تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَتَّخَذۡنَٰهُمۡ سِخۡرِيًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (63)

زاغت عنهم : مالت عنهم .

وقد كنّا نسخَر منهم في الدنيا ونهزأ بهم فأين هم ؟ أم أن أعيننا زاغت عنهم فلا نراهم !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَتَّخَذۡنَٰهُمۡ سِخۡرِيًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (63)

" أتخذناهم سخريا " قال مجاهد : أتخذناهم سخريا في الدنيا فأخطأنا " أم زاغت عنهم الأبصار " فلم نعلم مكانهم . قال الحسن : كل ذلك قد فعلوا ، اتخذوهم سخريا ، وزاغت عنهم أبصارهم في الدنيا محقرة لهم . وقيل : معنى " أم زاغت عنهم الأبصار " أي أهم معنا في النار فلا نراهم . وكان ابن كثير والأعمش وأبو عمر وحمزة والكسائي يقرؤون " من الأشرار اتخذناهم " بحذف الألف في الوصل . وكان أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وابن عامر يقرؤون " أتخذناهم " بقطع الألف على الاستفهام وسقطت ألف الوصل ؛ لأنه قد استغنى عنها ، فمن قرأ بحذف الألف لم يقف على " الأشرار " لأن " أتخذناهم " حال . وقال النحاس والسجستاني : هو نعت لرجال . قال ابن الأنباري : وهذا خطأ ؛ لأن النعت لا يكون ماضيا ولا مستقبلا . ومن قرأ : " أتخذناهم " بقطع الألف وقف على " الأشرار " قال الفراء : والاستفهام هنا بمعنى التوبيخ والتعجب . " أم زاغت عنهم الأبصار " إذا قرأت بالاستفهام كانت أم للتسوية ، وإذا قرأت بغير الاستفهام فهي بمعنى بل . وقرأ بو جعفر ونافع وشيبة والمفضل وهبيرة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي : " سخريا " بضم السين . الباقون بالكسر . قال أبو عبيدة : من كسر جعله من الهزء ومن ضم جعله من التسخير . وقد تقدم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَتَّخَذۡنَٰهُمۡ سِخۡرِيًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (63)

لما كانوا يسخرون من المؤمنين ويستهزئون بهم ، وهم ليسوا موضعاً لذلك ، بل حالهم في جِدهم وجَدهم في غاية البعد عن ذلك ، قالوا مستفهمين ، أما على قراءة الحرميين وابن عامر وعاصم فتحقيقاً ، وأما على قراءة غيرهم فتقديراً : { اتخذناهم } أي كلفنا أنفسنا وعالجناها في أخذهم { سخرياً } أي نسخر منهم ونستهزئ بهم - على قراءة الكسر ، ونسخرهم أي نستخدمهم على قراءة الضم ، وهم ليسوا أهلاً لذلك ، بل كانوا خيراً منا فلم يدخلوا هنا لعدم شرارتهم ، وكأنهم كانوا إلى تجويز كونهم في النار معهم ومنعهم من رؤيتهم أميل ، فدلوا على ذلك بتأنيث الفعل ناسبين خفاءهم عنهم إلى رخاوة في أبصارهم على قوتها في ذلك الحين فقالوا : { أم زاغت } أي مالت متجاوزة { عنهم } .

ولما كان تعالى يعيد الخلق في القيامة على غاية الإحكام في أبدانهم ومعانيها فتكون أبصارهم أحد ما يمكن أن تكون وأنفذه " اسمع بهم وابصر يوم يأتوننا فبصرك اليوم حديد " عدوا أبصارهم في الدنيا بالنسبة إليها عدماً ، فلذلك عرفوا قولهم : { الأبصار * } أي منا التي لا أبصار في الحقيقة سواها فلم نرهم وهم فينا ومعنا في النار ولكن حجبهم عنا بعض أوديتها وجبالها ولهبها . ف { أم } معادلة لجملة السخرية ، وقد علم بهاذ التقدير أن معنى الآية إلى إنفصال حقيقي معناه : أهم معنا أم لا ؟ فهي من الاحتباك : أثبت الاتخاذ المذكور الذي يلزمه بحكم العناد بين الجملتين عدم كون المستسخر بهم معهم في النار أولاً دليلاً على ضده ثانياً ، وهو كونهم معهم فيها ، وأثبت زيغ الأبصار ثانياً اللازم منه بمثل ذلك كونهم معهم في النار دليلاً على ضده أولاً وهو كونهم ليسوا معهم ، وسر ذلك أن الموضع لتحسرهم ولومهم لأنفسهم ، في غلطهم والذي ذكر عنهم أقعد في ذلك .