الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَتَّخَذۡنَٰهُمۡ سِخۡرِيًّا أَمۡ زَاغَتۡ عَنۡهُمُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ} (63)

ثم قال تعالى : { اتخذناهم سخريا } .

من ضم ، فمعناه : كنا نسخرهم في الدنيا ونستذلهم ، ومن كسر فمعناه : كنا نسخر منهم في الدنيا{[58536]} ، وقيل : هما لغتان بمعنى الهُزْء والسُّخرية{[58537]} .

فالمعنى : أهُمْ{[58538]} في النار لا نعرف مكانهم ، أم لم تقع أعيننا عليهم ؟

ومن قرأ بقطع الألف من ( اتخذناهم ) ابتدأ به ، ومن وصل الألف{[58539]} لم يبتدئ به لأنه صفة للرجال ، هذا قول أبي حاتم{[58540]} .

وتكون ( أم ) عديلة لاستفهام مُضمَر ، تقديره : أمفقودون هم أم زاغت عنهم الأبصار{[58541]} .

ويجوز أن تكون معادلة ل( ما ) في قوله : ( ما لنا ) ، كما قال تعالى : { مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين{[58542]} } وقال : { ما لكم كيف تحكمون أم لكم }{[58543]} ، فذلك جائز حسن{[58544]} .

وقد وقعت ( أم ){[58545]} معادلة ل ( من ) في الاستفهام ، قال الله جل ذكره : { فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون }{[58546]} .


[58536]:قرأ بالضم: نافع وحمزة والكسائي وقرأ الباقون بالكسر. انظر: حجة القراءات 618، والسبعة 556، ومجاز أبي عبيدة 2/186، والمحرر الوجيز 14/47، وغيث النفع 337. وأضاف النحاس في إعراب 3/471 نسبة القراءة بالضم إلى الحسن ومجاهد أبي جعفر وشيبة وعاصم وابن عامر.
[58537]:انظر: القاموس المحيط 2/46.
[58538]:(ح): إنهم.
[58539]:قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بوصل الألف وقرأ الباقون بالهمز. انظر: الكشف 2/234، وحجة القراءات 616، والسبعة 556، ومجاز أبي عبيدة 2/186، وسراج القارئ 337، والمحرر الوجيز 14/47، وغيث النفع 337، والكشف والبيان 244.
[58540]:انظر: منار الهُدَى 269.
[58541]:انظر: مشكل إعراب القرآن 2/628، وإعراب الزجاج 2/749.
[58542]:النمل: 20.
[58543]:القلم: 36 و37.
[58544]:انظر: مشكل إعراب القرآن 2/628.
[58545]:ساقط من (ح).
[58546]:النساء: 108، وانظر: مشكل إعراب القرآن 2/629.