تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

أنيب : أرجع إليه .

ثم بيّن الله تعالى أن مردّ الحكم والفصل إليه ، وكل شيء اختلفتم فيه فحُكْمه إلى الله ، وقد بينه لكم . ولذلك أمَرَ الرسولَ الكريم أن يقول لهم :

{ ذَلِكُمُ الله رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

وهذا خطابٌ لجميع الناس ليعلموا أن كل شيء يختلف الناس في أنه حقٌّ أو باطل فالمرجع فيه إلى القرآن ، فقولُه الفصلُ وحكمه العدل . كما قال تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر } [ النساء : 59 ] .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

قوله تعالى : " وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله " حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين ، أي وما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين من أمر الدين ، فقولوا لهم حكمه إلى الله لا إليكم ، وقد حكم أن الدين هو الإسلام لا غيره . وأمور الشرائع إنما تتلقى من بيان الله . " ذلكم الله ربي " أي الموصوف بهذه الصفات هو ربي وحده ، وفيه إضمار : أي قل لهم يا محمد ذلكم الله الذي يحيي الموتى ويحكم بين المختلفين هو ربي . " عليه توكلت " اعتمدت . " وإليه أنيب " أرجع .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

{ فحكمه إلى الله } أي : ما اختلفتم فيه أنتم والكفار من أمر الدين فحكمه إلى الله بأن يعاقب المبطل ويثيب المحق أو ما اختلفتم فيه من الخصومات فتحاكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كقوله : { فردوه إلى الله والرسول } [ النساء : 59 ] .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

ولما كانوا جميعاً يقرون بجميع ما وصف به نفسه المقدسة في هذه الآية عند الشدائد ، بعضه تصريحاً من الوحدانية في الولاية والإحياء في هذه الدار والقدرة على كل شيء ، وبعضه لزوماً وهو الإحياء بالبعث ، تسبب عن ذلك قطعاً أن يقال مع صرف القول إلى الخطاب إشارة إلى أنه تعالى قرب إليهم كل خير وقرب إليهم فهم الوحدانية لعقولهم بعد أن فطرهم على لزومها عند الاضطرار ، فما اتفقتم فيه من أمره سبحانه فهو الحق ، وذلك هو أصل الدين الذي أطبق عليه الخلائق في وقت الاضطرار ، لم يتلعثم فيه منهم ضعيف ، ولا جبار منيف ، عطف عليه قوله : { وما اختلفتم } أي أيها الخلق { فيه من شيء } وذلك هو الفروع مطلقاً والأصول في حال الرفاهية { فحكمه إلى الله } أي الذي هو الولي لا غيره وهو القدير لا غيره ، فلا يخرج شيء عن أمره ، فحصوا عنه تجدوه في كتابه لأن فيه تبيان كل شيء ، فإن قصرت أفهامكم عن إخراجه منه فاطلبوه في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فإن عز عليكم ففي إجماع أهل دينه ، فإن أعوزكم ذلك ففي القياس على شيء من ذلك . قال القشيري : هذه الأشياء هي قانون الشريعة ، وجملتها من كتاب الله ، فإن الكتاب هو الذي يدل على صحة هذه الجملة - انتهى . وما اجتهدتم فيه على ما شرع لكم وفصلتموه بما ظهر لكم على حكم بذل الجهد مضى ، وما لا فصله بينكم سبحانه في هذا اليوم أن أراد بنصر المحق وخذلان الظالم ، وإن أراد أخره إلى يوم الدين ، فإن شاء عفا وإن شاء عاقب عليه ، فلا حكم لغيره لا في الدنيا ولا في الآخرة .

ولما أنتج هذا أنه لا عظيم غيره ، ولا إله إلا هو ، ترجم ذلك بقوله مخاطباً للكل : { ذلكم } أي العظيم الرتبة جداً { الله } المحيط بجميع أوصاف الكمال ، فلا شريك له في شيء منه بوجه { ربي } الذي لا مربي له غيره في ماضٍ ولا حال ولا استقبال . ولما كان ذلك ، أنتج ولا بد قوله : { عليه } أي وحده { توكلت } أي أسلمت جميع أمري { وإليه } أي لا إلى غيره { أنيب * } أي أرجع بالتوبة إذا قصرت في شيء من فروع شرعه وأرجع إلى كتابه إذا نابني أمر من الأمور ، فأعرف منه حكمه فافعلوا أنتم كذلك ، اجعلوه الحكم تفلحوا ، ولا تعدلوا عنه في شيء من الأشياء تهلكوا .