ثم قال : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : وجه النظم أنه تعالى كما منع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحمل الكفار على الإيمان قهرا ، فكذلك منع المؤمنين أن يشرعوا معهم في الخصومات والمنازعات فقال : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } وهو إثابة المحقين فيه ومعاقبة المبطلين ، وقيل وما اختلفتم فيه من شيء وتنازعتم فتحاكموا فيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا تؤثر حكومة غيره على حكومته ، وقيل وما وقع بينكم فيه خلاف من الأمور التي لا تصل بتكليفكم ، ولا طريق لكم إلى عمله كحقيقة الروح ، فقولوا الله أعلم به ، قال تعالى : { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } .
المسألة الثانية : تقدير الآية كأنه قال : قل يا محمد { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } والدليل عليه قوله تعالى : { ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب } .
المسألة الثالثة : احتج نفاة القياس بهذه الآية فقالوا قوله تعالى : { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله } إما أن يكون المراد فحكمه مستفاد من نص الله عليه ، أو المراد فحكمه مستفاد من القياس على ما نص الله عليه ، والثاني باطل لأنه يقتضي كون كل الأحكام مثبتة بالقياس بأنه باطل فيعتبر الأول ، فوجب كون كل الأحكام مثبتة بالنص وذلك ينفي العمل بالقياس ، ولقائل أن يقول لم لا يجوز أن يكون المراد فحكمه يعرف من بيان الله تعالى ، سواء كان ذلك البيان بالنص أو بالقياس ؟ أجيب عنه بأن المقصود من التحاكم إلى الله قطع الاختلاف ، والرجوع إلى القياس يقوي حكم الاختلاف ولا يوضحه ، فوجب أن يكون الواجب هو الرجوع إلى نصوص الله تعالى .
ثم قال تعالى : { ذلكم الله ربي } أي ذلكم الحاكم بينكم هو ربي { عليه توكلت } في دفع كيد الأعداء وفي طلب كل خير { وإليه أنيب } أي وإليه أرجع في كل المهمات ، وقوله { عليه توكلت } يفيد الحصر ، أي لا أتوكل إلا عليه ، وهو إشارة إلى تزييف طريقة من اتخذ غير الله وليا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.