الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (10)

{ وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَىْءٍ } حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين . أي : ما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين ، فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدين ، فحكم ذلك المختلف فيه مفوّض إلى الله تعالى ، وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين { ذلكم } الحاكم بينكم هو { الله رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } في ردّ كيد أعداء الدين { وَإِلَيْهِ } أرجع في كفاية شرهم . وقيل : وما اختلفتم فيه وتنازعتم من شيء من الخصومات فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تؤثروا على حكومته حكومة غيره ، كقوله تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول } [ النساء : 59 ] وقيل : وما اختلفتم فيه من تأويل آية واشتبه عليكم فارجعوا في بيانه إلى المحكم من كتاب الله والظاهر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التي لا تتصل بتكلفيكم ولا طريق لكم إلى علمه ، فقولوا : الله أعلم ، كمعرفة الروح . قال الله تعالى : { وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى } [ الإسراء : 85 ] :

فإن قلت : هل يجوز حمله على اختلاف المجتهدين في أحكام الشريعة ؟ قلت : لا ، لأنّ الاجتهاد لا يجوز بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .