تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فرض : شرع ، وبين لكم .

تحلَّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة .

ثم بيّن له أنّه يمكن أن يكفّر عن يمينه بقوله : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } بالكفّارة عنها . وقد رُوي أنه عليه الصلاةُ والسلام كفّر عن يمينه فأعتق رقبة . { والله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ العليم الحكيم }

واللهُ متولِّي أمورِكم وناصرُكم ، وهو العليم ما يُصلحكم فيشرّعه لكم ، والحكيمُ في تدبيرِ أموركم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " تحليل اليمين كفارتها . أي إذا أحببتم استباحة المحلوف عليه ، وهو قوله تعالى في سورة " المائدة " : " فكفارته إطعام عشرة مساكين{[15130]} " [ المائدة : 89 ] . ويتحصل من هذا أن من حرم شيئا من المأكول والمشروب لم يحرم عليه عندنا ؛ لأن الكفارة لليمين لا للتحريم على ما بيناه . وأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء ، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه ، فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله ، أو أمة فعلى وطئها ، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى الظهار فظهار ، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا . وإن قال : نويت الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى . ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء . وإن قال : كل حلال عليه حرام ؛ فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . ولا يراه الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء{[15131]} وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده ، على ما تقدم بيانه . فإن حلف إلا يأكله حنث ويبر بالكفارة .

الثانية- فإن حرم أمته أو زوجته فكفارة يمين ، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته ، فهي يمين يكفرها . وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

الثالثة- قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه . وعن الحسن : لم يكفر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وكفارة اليمين في هذه السورة إنما أمر بها الأمة . والأول أصح ، وأن المراد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن الأمة تقتدي به في ذلك . وقد قدمنا عن زيد بن أسلم أنه عليه السلام كفر بعتق رقبة . وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية . والله أعلم . وقيل : أي قد فرض الله لكم تحليل ملك اليمين ، فبين في قوله تعالى : " ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له{[15132]} " [ الأحزاب : 38 ] أي فيما شرعه له في النساء المحللات . أي حلل لكم ملك الأيمان ، فلم تحرم مارية على نفسك مع تحليل الله إياها لك . وقيل : تحلة اليمين الاستثناء ، أي فرض الله لكم الاستثناء المخرج عن اليمين . ثم عند قوم يجوز الاستثناء من الأيمان متى شاء وإن تحلل مدة . وعند المعظم لا يجوز إلا متصلا ، فكأنه قال : استثن بعد هذا فيما تحلف عليه . وتحلة اليمين تحليلها بالكفارة ، والأصل تحللة ، فأدغمت . وتفعلة من مصادر فعل ، كالتسمية والتوصية . فالتحلة تحليل اليمين . فكأن اليمين عقد والكفارة حل . وقيل : التحلة الكفارة ، أي إنها تحل للحالف ما حرم على نفسه ، أي إذا كفر صار كمن لم يحلف . " والله مولاكم " وليكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرمونه على أنفسكم ، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة ، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة .


[15130]:راجع جـ 6 ص 264.
[15131]:زيادة عن الكشاف يقتضيها السياق.
[15132]:راجع جـ 14 ص 195.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } التحلة هي الكفارة وأحال تعالى هنا على ما ذكر في سورة المائدة من صفتها واختلف في المراد بها هنا فأما على قول من قال إن الآية نزلت في تحريم الجارية فاختلف في ذلك فمن قال : إن التحريم يلزم فيه كفارة يمين استدل بها ، ومن قال : إن التحريم يلزم فيه طلاق قال : إن الكفارة هنا إنما هي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف وقال : " والله لا أطؤها أبدا " وأما على القول بأن الآية نزلت في تحريم العسل ، فاختلف أيضا فمن أوجب في تحريم الطعام كفارة قال هذه الكفارة للتحريم ومن قال لا كفارة فيه قال إنما هذه الكفارة لأنه حلف ألا يشربه وقيل : هي في يمينه عليه السلام أن لا يدخل على نسائه شهرا .

{ والله مولاكم } يحتمل أن يكون المولى بمعنى : الناصر أو بمعنى : السيد الأعظم .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

{ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم }

( قد فرض الله ) شرع ( لكم تحلة أيمانكم ) تحليلها بالكفارة المذكورة في سورة " المائدة " ومن الإيمان تحريم الأمة وهل كفر صلى الله عليه وسلم ؟ قال مقاتل : أعتق رقبة في تحريم مارية ، وقال الحسن : لم يكفر لأنه ص مغفور له ( والله مولاكم ) ناصركم ( وهو العليم الحكيم ) .