تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (20)

الكفار : هنا الزرّاع ، يقال : كفر الزارعُ البذرَ بالتراب ، غطاه .

يهيج : ييبس ويصفرّ ، وفعلُ هاجَ له معنى آخر ، يقال : هاج القومُ هَيْجا وهيَجانا : ثاروا لمشقة أو ضرر . وللفعل هاجَ معانٍ أخرى .

حطاما : هشيما متكسرا .

متاع الغرور : الخديعة .

يبين الله تعالى هنا حقارة الدنيا وسرعة زوالها . اعلموا أيها الناس أنما الحياة الدنيا لعبٌ لا ثمرة له ، ولهوٌ يشغَل الإنسانَ عما ينفعه ، وزينةٌ لا بقاء لها ، وتفاخرٌ بينكم بأنساب زائلة وعظامٍ باليةٍ ، وتكاثرٌ بالعَدد في الأموال والأولاد . مِثْلُها في ذلك مثل مطرٍ نزل في أرضِ قومٍ وأنبت زرعاً طيباً أعجبَ الزّراع ، ثم يكمُل ويهيج ويبلغ تمامه ، فتراه بعدَ ذلك مصفرّا ثم يصير حطاماً منكسرا

لا يبقى منه ما ينفع . فمن آمن وعملَ في الدنيا عملاً صالحاً واتخذ الدنيا مزرعةً للآخرة نجا ، ودخل الجنة . وفي الآخرة عذابٌ شديد لمن آثر الدنيا وأخذها بغير حقها ، وفيها مغفرة لمن عمل صالحاً وآثر آخرته على دنياه . { وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ مَتَاعُ الغرور } متاع زائل وخديعة باطلة لا تدوم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (20)

{ 20-21 } { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه ، ويبين غايتها وغاية أهلها ، بأنها لعب ولهو ، تلعب بها الأبدان ، وتلهو بها القلوب ، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا ، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب ، والغفلة عن ذكر الله{[988]}  وعما أمامهم من الوعد والوعيد ، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة ، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ، ومعرفته ومحبته ، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله ، من النفع القاصر والمتعدي .

[ وقوله : ] { وَزِينَةً } أي : تزين في اللباس والطعام والشراب ، والمراكب والدور والقصور والجاه . [ وغير ذلك ] { وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ } أي : كل واحد من أهلها يريد مفاخرة الآخر ، وأن يكون هو الغالب في أمورها ، والذي له الشهرة في أحوالها ، { وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ } أي : كل يريد أن يكون هو الكاثر لغيره في المال والولد ، وهذا مصداقه ، وقوعه من محبي الدنيا والمطمئنين إليها .

بخلاف من عرف الدنيا وحقيقتها ، فجعلها معبرا ولم يجعلها مستقرا ، فنافس فيما يقربه إلى الله ، واتخذ الوسائل التي توصله إلى الله{[989]}  وإذا رأى من يكاثره وينافسه بالأموال والأولاد ، نافسه بالأعمال الصالحة .

ثم ضرب للدنيا مثلا بغيث نزل على الأرض ، فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام ، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ، وأعجب نباته الكفار ، الذين قصروا همهم ونظرهم إلى الدنيا{[990]}  جاءها من أمر الله [ ما أتلفها ] فهاجت ويبست ، فعادت على حالها الأولى ، كأنه لم ينبت فيها خضراء ، ولا رؤي لها مرأى أنيق ، كذلك الدنيا ، بينما هي زاهية لصاحبها زاهرة ، مهما أراد من مطالبها حصل ، ومهما توجه لأمر من أمورها وجد أبوابه مفتحة ، إذ أصابها القدر بما أذهبها  من يده{[991]} ، وأزال تسلطه عليها ، أو ذهب به عنها ، فرحل منها صفر اليدين ، لم يتزود منها سوى الكفن ، فتبا لمن أضحت هي غاية أمنيته ولها عمله وسعيه .

وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع ، ويدخر لصاحبه ، ويصحب العبد على الأبد ، ولهذا قال تعالى : { وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ } أي : حال الآخرة ، ما يخلو من هذين الأمرين : إما العذاب الشديد في نار جهنم ، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدنيا هي غايته ومنتهى مطلبه ، فتجرأ على معاصي الله ، وكذب بآيات الله ، وكفر بأنعم الله .

وإما مغفرة من الله للسيئات ، وإزالة للعقوبات ، ورضوان من الله ، يحل من أحله{[992]}  به دار الرضوان لمن عرف الدنيا ، وسعى للآخرة سعيها .

فهذا كله مما يدعو إلى الزهد في الدنيا ، والرغبة في الآخرة ، ولهذا قال : { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } أي : إلا متاع يتمتع به وينتفع به ، ويستدفع به الحاجات ، لا يغتر به ويطمئن إليه إلا أهل العقول الضعيفة الذين يغرهم بالله الغرور .


[988]:- في ب: بلهو قلوبهم وغفلتهم.
[989]:- في ب: إلى ذلك.
[990]:- في ب: همهم ونظرهم.
[991]:- في ب: فأذهبها
[992]:- في ب: من أحله عليه.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (20)

{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو } في انقضائها وقلة حاصلها { وزينة } يتزينون بها { وتفاخر بينكم } يفخر بها بعضكم على بعض { وتكاثر في الأموال والأولاد } مباهاة بكثرتها ثم ضرب لها مثلا فقال { كمثل غيث } مطر { أعجب } { أعجب الكفار } أي الزراع { نباته } ما أنبته ذلك الغيث { ثم يهيج } ييبس { فتراه مصفرا }

بعد يبسه { ثم يكون حطاما } هشيما متفتتا كذلك الانسان يهرم ثم يموت ويبلى { وفي الآخرة عذاب شديد } للكفار { ومغفرة من الله ورضوان } لأوليائه

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} (20)

{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }

{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة } تزين { وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد } أي الاشتغال فيها ، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة { كمثل } أي هي في إعجابها لكم واضمحلالها كمثل { غيث } مطر { أعجب الكفار } الزارع { نباته } الناشىء ، عنه { ثم يهيج } ييبس { فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً } فتاتاً يضمحل بالرياح { وفي الآخرة عذاب شديد } لمن آثر عليها الدنيا { ومغفرة من الله ورضوان } لمن لم يؤثر عليها الدنيا { وما الحياة الدنيا } ما التمتع فيها { إلا متاع الغرور } .