تحلَّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة .
ثم بيّن له أنّه يمكن أن يكفّر عن يمينه بقوله : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } بالكفّارة عنها . وقد رُوي أنه عليه الصلاةُ والسلام كفّر عن يمينه فأعتق رقبة . { والله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ العليم الحكيم }
واللهُ متولِّي أمورِكم وناصرُكم ، وهو العليم ما يُصلحكم فيشرّعه لكم ، والحكيمُ في تدبيرِ أموركم .
{ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ }{[1155]} أي : قد شرع لكم ، وقدر ما به تنحل أيمانكم قبل الحنث ، وما به الكفارة{[1156]} بعد الحنث ، وذلك كما في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا } إلى أن قال : { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ } .
فكل من حرم حلالًا عليه ، من طعام أو شراب أو سرية ، أو حلف يمينًا بالله ، على فعل أو ترك ، ثم حنث أو أراد الحنث ، فعليه هذه الكفارة المذكورة ، وقوله : { وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ } أي : متولي أموركم ، ومربيكم أحسن تربية ، في أمور دينكم ودنياكم ، وما به يندفع عنكم الشر ، فلذلك فرض لكم تحلة أيمانكم ، لتبرأ ذممكم ، { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } الذي أحاط علمه بظواهركم وبواطنكم ، وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به ، فلذلك شرع لكم من الأحكام ، ما يعلم أنه موافق لمصالحكم ، ومناسب لأحوالكم .
{ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } التحلة هي الكفارة وأحال تعالى هنا على ما ذكر في سورة المائدة من صفتها واختلف في المراد بها هنا فأما على قول من قال إن الآية نزلت في تحريم الجارية فاختلف في ذلك فمن قال : إن التحريم يلزم فيه كفارة يمين استدل بها ، ومن قال : إن التحريم يلزم فيه طلاق قال : إن الكفارة هنا إنما هي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف وقال : " والله لا أطؤها أبدا " وأما على القول بأن الآية نزلت في تحريم العسل ، فاختلف أيضا فمن أوجب في تحريم الطعام كفارة قال هذه الكفارة للتحريم ومن قال لا كفارة فيه قال إنما هذه الكفارة لأنه حلف ألا يشربه وقيل : هي في يمينه عليه السلام أن لا يدخل على نسائه شهرا .
{ والله مولاكم } يحتمل أن يكون المولى بمعنى : الناصر أو بمعنى : السيد الأعظم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.