تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

الرواسي : الجبال الثابتة الرواسخ .

أقواتها : أقواتَ أهلها .

سواء : كاملة لا نقصان فيها ولا زيادة .

وجعل في الأرض جبالاً ثابتة من فوقها لئلا تَميدَ بكم ، وجعلَها مباركة كثيرة الخيرات ، وقدر فيها أرزاقَ أهلِها حسبما تقتضيه حكمته ، كل ذلك في أربعة أيام متكاملة .

وقد جاء في القرآن الكريم ذكر اليوم والأيام ، ففي سورة الحج { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [ الحج : 47 ] . وفي سورة السجدة الآية 5 { يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } وفي سورة المعارج الآية 4 { تَعْرُجُ الملائكة والروح إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ . } إن هذا اليوم الذي نعيش فيه ونعرفه مرتبطٌ بالأرض ودورانها حول نفسها ، فإذا خرجنا من منطقة الأرض إلى الفضاء الواسع الفسيح اختلفت المقاييس ، ولم يعدْ للزمن حدود ، وإن سَنَتَنا 365 يوما ، بينما سنة عطارد وهو أقرب الكواكب إلى الشمس 88 يوما فقط حسب دورته حول الشمس ، وإن أبعد الكواكب وهو بلوتو تقدّر سنته بنحو 250 سنة ، لأنه يتم دورة واحدة بهذا الزمن ، وهكذا فان الزمن نسبي . إن أيام الله هو يعلم مداها ، ولا شك بأنها أطول بكثير من أيام الأرض المعروفة .

قراءات :

قرأ يعقوب : سواءٍ بالجر . والباقون سواءً بالنصب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

فكمل خلقها ، ودحاها ، وأخرج أقواتها ، وتوابع ذلك { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } عن ذلك ، فلا ينبئك مثل خبير ، فهذا الخبر الصادق الذي لا زيادة فيه ولا نقص .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

{ وبارك فيها } بما خلق فيها من المنافع { وقدر فيها أقواتها } أرزاق أهلها وما يصلح لمعاشهم من البحار والأنهار والأشجار والدواب { في أربعة أيام } في تتمة أربعة أيام وهو يوم الثلاثاء والأربعاء فصارت الجملة أربعة أيام خلق الله الأرض وما فيها من سبب الأقوات والمنافع والتجارات فتم أمرها في أربعة أيام { سواء } أي استوت استواء وسواء { للسائلين } عن ذلك أي لمن سأل في كم خلقت السموات والأرض فيقال في أربعة أيام

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

" وجعل فيها " أي في الأرض " رواسي من فوقها " يعني الجبال . وقال وهب : لما خلق الله الأرض مادت على وجه الماء ، فقال لجبريل ثبتها يا جبريل . فنزل فأمسكها فغلبته الرياح ، قال : يا رب أنت أعلم لقد غلبت فيها فثبتها بالجبال وأرساها " وبارك فيها " بما خلق فيها من المنافع . قال السدي : أنبت فيها شجرها . " وقدر فيها أقواتها " قال السدي والحسن : أرزاق أهلها ومصالحهم . وقال قتادة ومجاهد : خلق فيها أنهارها وأشجارها ودوابها في يوم الثلاثاء والأربعاء . وقال عكرمة والضحاك : معنى " قدر فيها أقواتها " أي أرزاق أهلها وما يصلح لمعايشهم من التجارات والأشجار والمنافع في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار من بلد إلى بلد . قال عكرمة : حتى إنه في بعض البلاد ليتبايعون الذهب بالملح مثلا بمثل . وقال مجاهد والضحاك : السابري من سابور ، والطيالسة من الري ، والحبر اليمانية من اليمن . " في أربعة أيام " يعني في تتمة أربعة أيام . ومثاله قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ، وإلى الكوفة في خمسة عشر يوما ، أي في تتمة خمسة عشر يوما . قال معناه ابن الأنباري وغيره . " سواء للسائلين " قال الحسن : المعنى في أربعة أيام مستوية تامة . الفراء : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين . واختاره الطبري . وقرأ الحسن البصري ويعقوب الحضرمي " سواء للسائلين " بالجر وعن ابن القعقاع " سواء " بالرفع ، فالنصب على المصدر و " سواء " بمعنى استواء أي استوت استواء . وقيل : على الحال والقطع ، والجر على النعت لأيام أو لأربعة أي " في أربعة أيام " مستوية تامة . والرفع على الابتداء والخبر " للسائلين " أو على تقدير هذه " سواء للسائلين " . وقال أهل المعاني : معنى " سواء للسائلين " ولغير السائلين ، أي خلق الأرض وما فيها لمن سأل ولمن لم يسأل ، ويعطي من سأل ومن لا يسأل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

قوله : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا } الرواسي ، الجبال الثوابت الرواسخ ، واحدتها راسية . رسا الشيء أي ثبت{[4047]} وقد ذكر أنه لما خلق الله الأرض مادت واضطربت لخفتها في هذا الفضاء الهائل الشاسع فأرساها الله أي رسّخها وثبتها بالجبال الثقال .

قوله : { وَبَارَكَ فِيهَا } أي بارك الله في هذه الأرض ؛ إذ جعلها دائمة الخير والمنافع لأهلها فقد أخرج منها الماء وأنبت فيها الشجر وجعل فيها الهواء والغذاء وكل أسباب العيش والاستقرار .

قوله : { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } أقواتها تعني أرزاق العباد ومعاشهم وما يصلحهم ، وما يقتضيه ذلك من الأمطار والأنهار وصلوح الأرض للسعي والزرع ، والمراد بأربعة أيام : أي اليومين الأولين المذكورين وبذلك بارك في الأرض وقدّر فيها أقواتها من الأرزاق والخيرات والمعايش في تتمة أربعة أيام . قال القرطبي مثالا على ذلك : ومثاله ، قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ، وإلى الكوفة في خمسة عشرة يوما . أي في تتمة خمسة عشرة يوما .

قوله : { سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } { سواء } منصوب على لمصدر بمعنى استواء وتقديره : استوت استواءً ، ويقرأ مرفوعا ، على أنه خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : هي سواءٌ . والقراءة المشهورة هي النصب . {[4048]}

والمعنى : في أربعة أيام مستوية تامة . وقيل : قدّر أقواتها سواء للمحتاجين . وقيل : خلق الأرض وما فيها لمن سأل ولمن لم يسأل .


[4047]:مختار الصحاح ص 243
[4048]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 337