وقوله : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِي } معطوف على خلق ، أي كيف تكفرون بالذي خلق الأرض ، وجعل فيها رواسي ، أي جبالاً ثوابت من فوقها . وقيل : جملة ، وجعل فيها رواسي مستأنفة غير معطوفة على خلق لوقوع الفصل بينهما بالأجنبي . والأوّل أولى لأن الجملة الفاصلة هي مقررة لمضمون ما قبلها ، فكانت بمنزلة التأكيد ، ومعنى { مّن فَوْقِهَا } أنها مرتفعة عليها لأنها من أجزاء الأرض ، وإنما خالفتها باعتبار الارتفاع ، فكانت من هذه الحيثية كالمغايرة لها { وبارك فِيهَا } أي جعلها مباركة كثيرة الخير بما خلق فيها من المنافع للعباد . قال السدي : أنبت فيها شجرها { وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها } قال قتادة ومجاهد : خلق فيها أنهارها وأشجارها ودوابها ، وقال الحسن وعكرمة والضحاك : قدّر فيها أرزاق أهلها ، وما يصلح لمعايشهم من التجارات والأشجار والمنافع ، جعل في كلّ بلد ما لم يجعله في الأخرى ؛ ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة ، والأسفار من بلد إلى بلد ، ومعنى { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } أي في تتمة أربعة أيام باليومين المتقدّمين . قاله الزجاج وغيره . قال ابن الأنباري : ومثاله قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ، وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً ، أي في تتمة خمسة عشر يوماً ، فيكون المعنى : أن حصول جميع ما تقدّم من خلق الأرض ، وما بعدها في أربعة أيام . وانتصاب { سَوَاء } على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف هو صفة للأيام ، أي استوت سواء بمعنى : استواء ، ويجوز أن يكون منتصباً على الحال من الأرض ، أو من الضمائر الراجعة إليها . قرأ الجمهور بنصب { سواء } ، وقرأ زيد بن علي ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، وعيسى ، ويعقوب ، وعمرو بن عبيد بخفضه على أنه صفة لأيام . وقرأ أبو جعفر برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف . قال الحسن : المعنى في أربعة أيام مستوية تامة ، وقوله : { لّلسَّائِلِينَ } متعلق بسواء ، أي مستويات للسائلين ، أو بمحذوف كأنه قيل : هذا الحصر للسائلين في كم خلقت الأرض وما فيها ؟ أو متعلق بقدّر ، أي قدّر فيها أقواتها لأجل الطالبين المحتاجين إليها . قال الفراء : في الكلام تقديم ، وتأخير ، والمعنى : وقدّر فيها أقواتها سواء للمحتاجين في أربعة أيام ، واختار هذا ابن جرير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.