الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { وقدر فيها أقواتها } قال : شق الأنهار ، وغرس الأشجار ، ووضع الجبال ، وأجرى البحار ، وجعل في هذه ما ليس في هذه ، وفي هذه ما ليس في هذه .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { وقدر فيها أقواتها } قال : قدر في كل أرض شيئاً لا يصلح في غيرها .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله { وقدر فيها أقواتها } قال : لا يصلح النيسابوري إلا بنيسابور ، ولا ثياب اليمن إلا باليمن .

وأخرج عبد الرزاق عن الحسن { وقدر فيها أقواتها } قال : أرزاقها .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله { سواء للسائلين } قال : من سأل فهو كما قال الله .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : خلق الله السموات من دخان ، ثم ابتدأ خلق الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين فذلك قول الله تعالى { قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ثم قدر فيها أقواتها } في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فذلك قوله { وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ، ثم استوى إلى السماء وهي دخان } فسمكها وزينها بالنجوم والشمس والقمر وأجراهما في فلكهما ، وخلق فيها ما شاء من خلقه وملائكته يوم الخميس ويوم الجمعة ، وخلق الجنة يوم الجمعة ، وخلق اليهود يوم السبت لأنه يسبت فيه كل شيء ، وعظمت النصارى يوم الأحد لأنه ابتدئ فيه خلق كل شيء ، وعظم المسلمون يوم الجمعة لأن الله فرغ فيه من خلقه ، وخلق في الجنة رحمته ، وجمع فيه آدم عليه السلام ، وفيه هبط من الجنة ، وفيه قبلت توبته وهو أعظمها .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إن الله تعالى خلق يوماً فسماه الأحد ، ثم خلق ثانياً فسماه الاثنين ، ثم خلق ثالثاً فسماه الثلاثاء ، ثم خلق رابعاً فسماه الأربعاء ، وخلق خامساً فسماه الخميس ، فخلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، ولذلك يقول الناس إنه يوم ثقيل ، كذلك وخلق مواضع الأنهار والشجر والقرى يوم الأربعاء ، وخلق الطير والوحش والسباع والهوام والآفة يوم الخميس ، وخلق الإِنسان يوم الجمعة ، وفرغ من الخلق يوم السبت .

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إن الله تعالى ابتدأ الخلق وخلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الأقوات والرواسي يوم الثلاثاء والأربعاء ، وخلق السموات يوم الخميس والجمعة إلى صلاة العصر ، وخلق آدم عليه السلام في تلك الساعة التي لا يوافقها عبد يدعو ربه إلا استجاب له ، فهو ما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس .

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ما يوم الأحد ؟ قال : " خلق الله فيه الأرض قالوا : فيوم الأربعاء ؟ قال : الأقوات قالوا : فيوم الخميس ؟ قال : فيه خلق الله السموات قالوا : فيوم الجمعة ؟ قال : خلق في ساعتين الملائكة ، وفي ساعتين الجنة والنار ، وفي ساعتين الشمس والقمر والكواكب ، وفي ساعتين الليل والنهار قالوا : ألست تذكر الراحة فقال سبحان الله . . ! فأنزل الله { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب } [ ق : 38 ] » .

وأخرج أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله تعالى فرغ من خلقه في ستة أيام . أولهن يوم الأحد ، والاثنين ، والثلاثاء ، والأربعاء ، والخميس ، والجمعة ، خلق يوم الأحد السموات ، وخلق يوم الاثنين الشمس والقمر ، وخلق يوم الثلاثاء دواب البحر ودواب الأرض وفجر الأنهار وقوت الأقوات ، وخلق الأشجار يوم الأربعاء ، وخلق يوم الخميس الجنة والنار ، وخلق آدم عليه السلام يوم الجمعة ، ثم أقبل على الأمر يوم السبت » .

وأخرج ابن جرير عن أبي بكر رضي الله عنه قال : جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة ؟ فقال : « خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق المدائن والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء ، وخلق السموات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات يعني من يوم الجمعة ، وخلق في أول ساعة الآجال ، وفي الثانية الآفة ، وفي الثالثة آدم ، قالوا : صدقت أن تممت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يريدون فغضب ، فأنزل الله { وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون } [ ق : 38 ] » .