فإن قلت : ما معنى قوله : { مِنْ فَوْقِهَا } وهل اقتصر على قوله : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ } كقوله تعالى : { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شامخات } [ المرسلات : 27 ] ، { وَجَعَلْنَا فِى الأرض رَوَاسِىَ } [ الأنبياء : 31 ] ، { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ } [ النمل : 61 ] ؟ قلت : لو كانت تحتها كالأساطين لها تستقر عليها ، أو مركوزة فيها كالمسامير : لمنعت من الميدان أيضاً ، وإنما اختار إرساءها فوق الأرض ، لتكون المنافع في الجبال معرضة لطالبيها ، حاضرة محصليها ، وليبصر أن الأرض والجبال أثقال على أثقال ، كلها مفتقرة إلى ممسك لا بد لها منه ، وهو ممسكها عزّ وعلا بقدرته { وبارك فِيهَا } وأكثر خيرها وأنماه { وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها } أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم . وفي قراءة ابن مسعود . وقسم فيها أقواتها { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء } فذلكة لمدة خلق الله الأرض وما فيها ، كأنه قال : كل ذلك في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان . قيل : خلق الله الأرض في يوم الأحد ويوم الإثنين ، وما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء . وقال الزجاج : في أربعة أيام في تتمة أربعة أيام ، يريد بالتتمة اليومين . وقرىء : «سواء » بالحركات الثلاث : الجر على الوصف والنصب على : استوت سواء ، أي : استواء : والرفع على : هي سواء .
فإن قلت : بم تعلق قوله { لّلسَّائِلِينَ } ؟ قلت : بمحذوف ، كأنه قيل : هذا الحصر لأجل من سأل : في كم خلقت الأرض وما فيها ؟ أو يقدر : أي : قدر فيها الأقوات لأجل الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين . وهذا الوجه الأخير لا يستقيم إلا على تفسير الزجاج .
فإن قلت : هلا قيل في يومين ؟ وأي فائدة في هذه الفذلكة ؟ قلت : إذا قال في أربعة أيام وقد ذكر أن الأرض خلقت في يومين ، علم أن ما فيها خلق في يومين ، فبقيت المخايرة بين أن تقول في يومين وأن تقول في أربعة أيام سواء ، فكانت في أربعة أيام سواء فائدة ليست في يومين ، وهي الدلالة على أنها كانت أياماً كاملة بغير زيادة ولا نقصان . ولو قال : في يومين - وقد يطلق اليومان على أكثرهما -لكان يجوز أن يريد باليومين الأولين والآخرين أكثرهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.